بيتر جريناواي يتحدث عن “أيزنشتاين في المكسيك”
- ما هو الموضوع الرئيسي في فيلمك الجديد “أيزنشتاين في غوانخوانتو” أو أيزنشتاين في المكسيك؟
- الفيلم احتفال، إنه عمل ممتع، وهو عن رجل يسعى للعثور على هويته بطرق مختلفة متعددة. لقد كان يود أن يفهم هويته الجنسية. لقد كانت لديه مؤشرات منذ أن كان مراهقا، فهو لم يكن يرى نفسه بالضرورة في التقسيمة الجنسية الطبيعية. يمكنني أن أطلعك على دليلي على ذلك. أنا لم أخترع هذا الأمر.
حقا لقد أقام علاقة مع بالومينو كانيدو خلال الأيام العشرة العاصفة التي قضاها في المدينة المكسيكية، ثم افترقا. لا يمكنني القول إنهما افترقا تحديدا بالطريقة التي صورتها في الفيلم، لكني أعتقد انه ليس هناك شيء يدعى التاريخ، هناك فقط توارخ عدة.
- كيف تعتقد ان الفترة التي قضاها أيزنشتاين في المكسيك غيرته كمخرج؟
- دعنا نفترض أننا جميعا ننضج وأن شخصياتنا تتطور، واتخيل أن هذه الشخصيات اساسا، تصبح، كلما كبرنا، أكثر عاطفية. ولذلك فربما يكون قد حدث بالفعل نوع من الاتصال الجنسي مع هذا الرجل. كلنا نعلم أننا عندما نكون في الخارج فإننا نتصرف بشكل مختلف ونقدم على المخاطرة. وهنا نحن نراه في بلد أجنبي مختلف تماما، على مسافة 3500 ميل من موسكو، وهو لا يجد حوله مواطنينمن اقرانه طول الوقت خاصة الستالينيين الروس، ولذا هناك امكانية لأن يتحرر، أن يترك شهيته للمعرفة تتسع بدرجة كبيرة. لقد كانت صدمة ثقافية بالنسبة له أن يلتقي بكل هذه الشخصيات غير العادية، التي تختلف عنه، وأعتقد ان هذا الاحساس بالحرية جعله ينفس عن المكبوت الذي كان مستقرا في داخله، وإذن فإن فرضيتي تقوم على أن افلامه الثلاثة الأولى كانت مليئة بالأفكار، ولكن الأفكار التي ترتبط بالمجموع، وليس بالأفراد. أما اذا نظرت الى الافلام الثلاثة الأخيرة فستجد أنه أصبح أكثر اهتماما بالأفراد وبالعلاقات بينهم وانهم أصبحوا أكثر نضجا، أكثر فهما ومعاصرة. أعتقد انه خارج بلاده، أي خارج ثقافته، وفي استجابة لما كان مستقرا في داخله، بدأ يهتم بالفرد، أكثر من اهتمامه بالمجموع.
اقطة من فيلم “أيزنشتاين في المكسيك” لجريناواي
- هل يمكن القول ان هذا الفيلم جاء في الوقت الذي أصبحت تتعرض فيه حقوق المثليين للتضييق عما كان الأمر في السابق؟
- هذا ليس فيلما من أفلام المثليين. إنه فيلم عن رجل ربطته قصة حب مع رجل آخر. وسيكون من السذاجة الشديدة انكار كل هذه العلاقات. إن أي فيلم تاريخي هو عن الحاضر كما هوعن الماضي. هذا ما يجب أن يكون. نعم هناك صلة. يمكنك أن تتخيل، أنا لست من المرحب بهم على الاطلاق في روسيا، على الأقل على المستوى الرسمي، لقد تلقيت الكثير من رسائل الكراهية ولكن لا شيء خطيرا.
- ماذا كان مفتاح العثور على فريق الممثلين؟
- بمكنك أن ترى ما واجهناه من مشاكل: لقد توفرت لدينا كمية هائلة من صور أيزنشتاين في العالم.. وأردت أن أستخدمها، لذلك بحثت عن ممثل يكون على الأقل، ولو على نحو غامض، قريب الشبه بأيزنشتاين، لقد بحثنا في كل مكان ثم عثرنا، بمحض الصدفة،على إلمر باك، وأود القول إنه كان ممتازا في الدور.
- الى جانب أيزنشتاين من هم المخرجون المفضلون لديك؟
– كنت دائما مهتما بأيزنشتاين، لكن ربما أكون قد أصبحت خلال العشرين عاما الأخيرة، مهتما به أكثر لأنه جُرب وأختبر، لقد صمد لتجربة الزمن، وأرى أن ما أنجزه مهم حقا. لدي الكثير من المخرجين المفضلين. إننا جميعا لدينا أبطالنا. الفيلم مليء بالاقتباسات. فيلمي المفضل هو فيلم “العام الماضي في مارينباد” لألان رينيه، وأنت ترى في نهاية فيلمي أنهم يلعبون لعبة مارينباد.. وفيلم آخر من أفلامي المفضلة هو “قواعد اللعبة” لرينوار الذي يصور رينوار وهو يقفز ويسقط نفسه على الفراش، وقد سرقت هذه اللقطة وجعلتها مفتاحا لما يفعله ايزنشتاين. هناك مصادر كثيرة من المهرجين الشعبيين الذين هم مستمدون بالطبع من فيلليني. أتعرف العبارة الشهيرة لجون دون “لا أحد يعتبر جزيرة”.. طيب.. سأقول لك “لا فيلم يعتبر جزيرة”. ان كل فيلم يكرر على نحو ما. معظم الفن هو عن الفن، انه ليس عن الحياة، بل عن النظرة الى الفن.
- كيف تطور عملك السينمائي؟
- لقد أخرجت حتى الآن 15 فيلما كلها تختلف عن بعضها، فليس من الممكن أن أصنع نفس الفيلم بنفس الطريقة مجددا ومجددا، لكنها جميعها عن نفس الظاهرة: ضرورة الصورة، فرضيات التذوق البصري وهو ما اعتقد أنه أمر هام جدا. إنه موضوع ذاتي تماما في أهميته لكنني أود عمل سينما غير روائية، متعددة الشاشات، تدور في الحاضر. هذه السينما هي في الطريق سواء أعجبني ذلك أو لم يعجبني، وسواء أحببت أنت ذلك او لم تحبه. إنها في الطريق.
عن موقع سين أوروبا Cineuropa