انطباعات أولية عن فيلم “كيرة والجن”

أمير العمري

لم أكن قد شاهدته لكني شاهدته أخيرا، وتحملت بصعوبة الجلوس أمام الشاشة لمدة ساعتين و45 دقيقة. تقنية المسلسل واضحة من أول مشهد. ومع ذلك هناك مشاهد جيدة في الفيلم رغم الاضطراب العام.

يمكنني القول أنه كل ما أنفق عليه، ورغم براعة التصوير وادارة الانتاج بشكل جيد، والاختيار المتميز كثيرا لمواقع التصوير الخارجي، والجهد الكبير المبذول من جانب المخرج ومساعديه، جاء فيلم “كيرة والجن: عملا دعائيا ساذجا مليئا بالتفاصيل الطويلة والاستطرادات المملة، وكان يمكن أن يقتطع من الفيلم 40 دقيقة على الأقل، فربما يعتدل ايقاعه المترهل، وتنضبط حبكته قليلا، خصوصا لو تخلص المونتير من الاستطرادات والمشاهد الزاعقة المباشرة التمجيدية الفارغة التي لا تقنع أحدا…

أفضل ما في الفيلم أداء الممثل الانجليزي سام هزلدين في دور الضابط البريطاني، وطبعا الجميلة ذات الوجه المضيء الساحر رزان جمال، كلاهما أضفى على الشخصية واقعيتها وأقنعنا كمشاهدين أنها شخصيات حقيقية على العكس تماما من شخصية كريم عبد العزيز (الذي يروج له كجيمس بوند المصري!!)..

أما أسوأ ما في الفيلم فهو أولا وثانيا وثالثا، السيناريو الذي يلعب على تأجيج المشاعر، ويخلق بطولات خرافية، ويختلق الكثير من الالتواءات التي كان يمكن الاستغناء عنها (ذهاب دولت- هند صبري) الى قريتها في الصعيد مثلا لكي تموت على يد شقيقها في مشهد رديء التنفيذ كثيرا، كما ان المعركة التي تدور أمام المعسكر الانجليزي كانت في حاجة الى الضبط في المونتاج فأنت لا تعرف من الذي يتعارك مع من، ومن يموت ومن يصاب ومن يسقط وهل مات أم جرح أم نجا بتأثير الجن والعفاريت (!!).. والمشاهد النهائية التي تدور في اسطنبول مرتبكة كثيرا وكان يمكن أن تصبح أفضل وأدق لو اختصرت الى نصف زمنها.. وقس على ذلك.

وأنا في غاية الاندهاش لاني أرى أن مروان حامد مخرج جيد، لكن السيناريو الذي فرض عليه أن يروي كل شيء عن كل شيء في مشاهد طويلة جدا، وان يميت الأبطال ثم يحييهم، أدى الى تفكك الفيلم وسقوطه في الكليشيهيات، وخصوصا شخصية “الجن” التي بدت كشخصية قواد يريد أن يوقع بفريسته (دولت) التي يفترض أنه (يحبها)!! والسبب يعود إلى رداءة الحوار وطريقة الأداء ونطق الكلمات، والحقيقة أن أداء أحمد عز في الفيلم كله هو أداء “بلاستيكي” ولا أفهم قط لماذا يصر، على الهمس بصوت متحشرج بحيث لا تفهم شيئا مما يقوله!! لكنها أيضا مسؤولية المخرج الذي ترك له الحبل على الغارب.

رزان جمال

“كيرة والجن” فيلم كان يمكن أن يكون أفضل وأكثر رصانة لكنه صادر من جوف نظام رديء يسيطر على السينما ويطوعها للدعاية الساذجة، تحت تصور أن مثل هذه المبالغات (والمغالطات التاريخية الكثيرة أيضا بالمناسبة!!) يمكن أن “ترفع الروح المعنوية للمصريين (تماما كما كان التصور عند شق تفريعة قناة السويس بأموال كثيرة أهدرت دون أي فائدة!!

الفيلم يفتقد إلى السيطرة، ويميل الى “التهويل” ويخلط على نحو فج، بين أحداث حقيقية (حادثة دنشواي مثلا التي لم تحدث تاريخيا، كما صورها الفيلم متجاهلا مثلا دور قاضي دنشواي ابراهيم الهلباوي) وأحداث خيالية كثيرة بدعوى أنها “حقيقية” كما يجعل بطليه (كيرة والجن) لا يدركان سوى في النهاية بعد سلسلة من الأحداث الدامية، أن زميلهما (سيد رجب) وشى بهما في السجن وهو ما كان يمكن استنتاجه من أول لحظة!

Visited 7 times, 1 visit(s) today