الناقد الليبي رمضان سليم: نتوقع في أبريل مهرجان سينما في ليبيا
فاطمة عطفة أجرت في طرابلس أخيرا، مقابلة صحفية (بتاريخ 10 فبراير) مع الناقد السينمائي الليبي رمضان سليم تحدث فيها عن ربيع الثورات العربية وتأثيرها على الثقافة والابداع كما تحدث الى وضع السينما في ليبيا ومستقبلها…
من ضمن ما قاله رمضان في هذه المقابلة نقتطغ الفقرات التالية:
* السينما العربية وعلى مدى قرن من الزمن تقريبا، مع اختلاف الدول وبداياتها، منها بدأت مبكرة، ومنها بدأت متوسطة، ومنها متأخرة، لكن بشكل عام نتاج السينما وجه يغلب عليه التحرر.
لو أخذنا مثالا على ذلك السينما التقليدية المصرية، سنجد أنها تدافع عن القضايا التي لها علاقة بالتحرر والتطور، بمعنى مهما كانت السينما العربية متخلفة لكنها كانت تدافع عن قضية المرأة، تدافع عن الإنسان وعلاقته مع السلطات.
** طبيعة السينما هي فن تحرري، لذلك نجد أن كل أنواع المتغيرات التي مرت على الوطن العربي موجودة بالسينما العربية، طبعا حسب الأنظمة والرقابة والظروف المرافقة. صحيح أن السينما لم تقم بكل ما عليها أن تقوم به كاملا، ولكنها قدمت وجها جيدا، مقارنة بكثير من صنوف الآداب والفنون الأخرى. هذه المتغيرات لها صدى في السينما العربية، لأنها سبقت وقدمت بوابة لهذه المتغيرات، دائما تحاول أن تعلن بأن هناك متغيرات قادمة وأن هناك أجيالا جديدة، وأن علينا أن ننظر دائما بشكل جديد إلى الواقع العربي السياسي، وأن لا يبقى الواقع العربي متخلفا متكلسا.
** كما قلت كانت السينما العربية تتناول أحيانا بعض الأزمات الخفيفة من هنا وهناك، وتعطي بعض الإشارات حسب الموجود، وأنا أعتبر أن السينما العربية قامت بجهد لا بأس به على مستوى تحريك الواقع الاجتماعي العربي إلى حد ما. لكن الواقع الجديد سوف يفرز متغيرات جديدة في الوطن العربي كله، لا توجد دولة ستكون في منعزل، حتى الدول التي تظن نفسها أنها بعيدة، ستحدث فيها تغيرات غير عادية، بأساليب مختلفة. مثلا في ليبيا حدثت ثورة سلمية في البداية، النظام واجهها بعنف وقوة، والناس وجدوا أنفسهم عندهم سلاح حملوا سلاحهم، وهاجموا المعسكرات وأخذوا السلاح ودافعوا عن أنفسهم تلقائيا، لم تكن المسألة مرتبة ولا متوقعة، هكذا بدأت الأمور إلى أن تدخل النيتو وسارت الأمور بهذا الشكل، سيناريو لم يكن متوقعا وتحققت بالأخير ثورة 17 فبراير ونتمنى أن تحقق النجاح في المستقبل’.
** المثقف بالذات عانى كثيرا لأن في تلك الفترة بنغازي تحررت، ولكن طرابلس جرى فيها تحقيقات ومن دخلوا السجن في الماضي تمت إعادتهم للسجن للتحقيق معهم، كثير من الناس اختفوا، كثير من الناس هاجروا إلى تونس، الفترة كانت عصيبة جدا، ومن الصعب وصفها: نقص في البنزين، نقص في المواد الغذائية إذ فقدت أو ارتفعت أسعارها، وحاول النظام بأن يشتري الناس ورفع الرواتب في المنطقة الغربية إلى الضعف، في تلك الأيام فقط، بينما كان متوسط الدخل حوالي 250 دولار طوال السنوات الماضية، والمدير العام يأخذ 400 لحد 500، هذا هو بلد النفط لكن هذا كان بلا جدوى، لأنه أصبح هناك رفض كامل للنظام من الداخل’.
** بعد المتغيرات في ليبيا صارت هناك وزارة ثقافة ومجلس وزراء، وستجري الانتخابات بعد أشهر، ستكون هناك هيئة تأسيسية ستسير البلد وتضع برنامج الدستور والانتخابات، نحن نتوقع في أبريل القادم أن يكون هناك مهرجان للسينما في طرابلس، سيكون اسمه ‘مهرجان المتوسط للفيلم الوثائقي والقصير’، وهو برنامج خاص بالمتوسط، وبرامج خاصة بالدول العربية كلها. الآن سيكون هناك مركز وطني على مستوى السينما، هذا حسبما وضع تصوراته مع عدد من الكتاب ولأدباء والفنانين، الأستاذ عبد الرحمن هابيل وزير الثقافة، مركز أو إدارة للسينما، وإدارة للمسرح، من قبل كانت هناك إدارة واحدة.
سيكون عندنا عدة مهرجانات، ستكون هناك هيئة عامة للكتاب مختصة تشرف على المطبوعات والمعارض والنشر الليبي، سيكون هناك مركز للترجمة والعرض، كما سيكون هناك مهرجان المتوسط، ستكون هنالك عدة فعاليات في السنة القادة خلال المدة الموجود فيها الوزارة ثمانية أو عشرة أشهر.
هذا من الناحية النظرية، لكن يمكن أن تستمر أكثر، ننتظر فقط الميزانية الليبية. الآن بدأ النفط فيها يعود إلى سابق عهده، هناك محاولة لنزع السلاح من الفصائل ودمجهم في الجيش الليبي، وتأخذ المسألة عدة أشهر، ستكون هناك مصالحة وطنية إلا لمن سرقوا ومن ارتكبوا جرائم، هذه متروكة للقضاء، ومتروكة أيضا للعفو أحيانا حسب القضاء. لكن الاتجاه في ليبيا أن يكون هناك مصالحة، وإن الناس الذين عملت مع القذافي لن يكونوا أعداء لأن كل واحد يخطئ ويصيب، المهم أن تكون هناك روح جديدة للتغيير وروح جديدة مع الثورة، وسنحاول قدر الإمكان أن نبني ليبيا دولة جديدة قائمة على الديمقراطية والتحرر، وعلى الأقل رد الاعتبار للمواطن الليبي، لأن كما تعلمين ليبيا أربعين سنة مغيبة عن العالم، أنا زمان أحضر في بعض المهرجانات على مستوى شخصي وليس على مستوى الدولة. كنت أسأل أين ليبيا؟
** ليبيا كانت مغيبة حتى في كرة القدم، كان النجم الوحيد هو معمر القذافي. الآن سيكون الليبيون كلهم نجوما، إن شاء الله. طبعا أنا لست متحدثا بشكل رسمي، أنا إنسان بسيط لكن هذه طموحاتي وأتمنى أن يتحقق هذا في أقرب فرصة، ونشكر جريدة ‘القدس العربي’ الغراء على هذا اللقاء’.
** ليبيا في السنوات السابقة كانت لديها إمكانيات، كان يمكنها أن تنشئ صناعة عربية وتخدم كل العرب، كان فيها أموال ولكن هذه الأموال ضاعت. عندما كانوا يشتغلون فيلما يتعاقدون مع مخرج أجنبي، وأجر المخرج الليبي قليل جدا، بينما يدفعون لمخرج أجنبي آخر ما يطلب، ولو أن ليبيا لم تكن تهم بالسينما، حتى فيلم ‘الرسالة’ للمخرج العقاد لم تدعمه ليبيا، كان مشتركا مع الكويت والمغرب. وعلى فيلم عمر المختار، العقاد أخذ قرضا بحدود أربعين مليون لحد الآن القرض مفتوح لم يسدد، توفي العقاد ومن فترة كانوا يطالبون بترجيع المبلغ، بمعنى ليبيا بالحقيقة لم تقدم شيئا للسينما.
** القذافي كان عنده قصة “سنوات العذاب” اتفق مع الأخضر حامينا من الجزائر ثم سحب منه العمل بعد سنة، ثم اتفق مع المخرج نجدت أنزور، صور بعض المشاهد وبقي سنة في ليبيا ثم سحب الفيلم منه وأعطاه لطارق بن عمار، كان يلعب ولم يكن عنده نظرة جدية لا إلى السينما ولا إلى المسرح. دور العرض دمرت في ليبيا، وحتى استيراد الأفلام توقف. السينما في العهد الإيطالي كانت أفضل من عهد القذافي. المعنى أن ليبيا كان بإمكانها أن تدعم السينما العربية بالكامل، أن تقدم مساعدات مثلما تعمل الآن أبو ظبي أو دبي في تقديم مساعدات للأفلام. أتوقع أن ليبيا بعد سنة ستدخل بإنتاج مشترك مع كثير من الدول. أما عن فكرة الشباب، بالتأكيد بعد فترة قليلة سنجد أن كل من يعملون بالسينما هم من الشباب، وآمل أن يكون لبلادنا دور جيد في الأخذ بيد المبدعين من الشباب في فن السينما والمسرح ودراما التلفزيون، وعلى مستوى الثقافة والأدب بشكل عام’.