المخرج الإسرائيلي آموس جيتاي يتساءل: “لماذا الحرب؟”

Print Friendly, PDF & Email

في لقاء أجراه مع مجلة ڤاريتي أثناء فعاليات مهرجان تاورمينا السينمائي، تحدث المخرج الإسرائيلي آموس جيتاي عن مشروعه القادم الذي سيحمل عنوان “لماذا الحرب؟” – Why War، بعد آخر أفلامه “شيكون”- Shikun الذي عرض في مهرجان برلين السينمائي.
يوضح جيتاي أن: “التساؤل عن الأسباب وراء خوض الحروب هو موضوع فيلمي القادم، وهو حوار دار بين
ألبرت أينشتاين، وسيجموند فرويد في عام 1931، عندما طلبت عصبة الأمم المتحدة من أينشتاين اختيار أحد المفكرين ليطرح عليه سؤالا واحدا، فوقع اختياره على سيجموند فرويد، فسأله الأخير سؤالا مكونا من كلمتين فقط: لماذا الحرب؟ يوجد عدد من المراسلات بين العالمين، وضع فيها أينشتاين تأويلاته لإجابات فرويد، وهذا هو أساس مشروعي القادم”.

ووفق ما ورد في منشور على موقع Elefant Films، أن المؤلفة ماري خوسيه سانسيلمي كتبت سيناريو الفيلم، وانتجه أليكس يورداشيسكو، والبطولة لطاقم من الممثلين يضم إيرين جاكوب، ماتيو أمالريك، بهيرة أبلاسي، كيرين مور، يائيل أبيكاسيس، بيني ميتلمان، ميناش نوي، ميناس قراواني وميخا ليسكوت.

أثناء حديث ڤاريتي مع المخرج، وردت أنباء عن الهجوم الإسرائيلي الغاشم على مخيم اللاجئين في خان يونس، والذي حتى وقت كتابة هذا المقال راح ضحيته أكثر من تسعين شهيدًا، فهل من حاجة ملحة وراء هذا الطرح الآن؟
يقول جيتاي” علينا الالتزام بالحقيقة، وطرح أسئلة بعيدة النظر، جميع أعمالي التي قدمتها حول اغتيال رابين كانت تتقصى الحادثة، ولا ريب من وجود تشابه بين المأساة الحالية، وبين الفيلم، ولكن الفن لا يغير من الواقع، وأنا لا أتفق في هذه المسألة مع المخرج مايكل مور، فأنا لا أعتقد أنه اذا ما قدمنا فيلما نضاليا فإنه سيحدث أي تغير في العالم. إن الفن يخط علامات على مسار الذكريات.

يضع جيتاي الصراع الدائر حاليًا في سياق أوسع قائلًا: “عقب القصف الألماني على قرية الباسك الإسبانية، عكف بيكاسو على رسم لوحة جيرنيكا عام 1937، وكان بينه وبين فرانكو نزاع، خسره بيكاسو، واحتل فرانكو السلطة لثلاثين عامًا، لكن إذا ما سألت أي أحد الآن ما هي جرنيكا؟! سيقول إنها لوحة بيكاسو. لهذا نعمل، ونحن أملين في التغيير على المدى البعيد، وليس في وقتنا الحالي، فالسينما الجيدة لا تحدث أي تغيير فوري، ولا تغير من الحكومات، ما أعنيه هو أن مايكل كان يرغب في مساعدة هيلاري كلينتون على الفوز من خلال إخراجه لفيلم “مايكل مور في ترامب لاند”- Michael Moore in Trumpland.

إيرين جاكوب في فيلم “شيكون”

فيلمه “شيكون” مقتبس بتصرف عن مسرحية “الخراتيت” للكاتب يوجين يونسكو، من بطولة إيرين جاكوب، وتقع أحداثه في أحد المشروعات الاستيطانية الإسرائيلية. يرى جيتاي أن العملية من أحد أسباب وجود الفيلم، فيقول: من اعظم انجازات فيلم “شيكون” أنني استطعت حشد مجموعة من الموسيقيين الإسرائيليين، والفلسطينيين، والإيرانيين، وقفوا معًا، جنبًا الى جنب على خشبة المسرح في برلين. وبيّنا من خلال خلق مناخ حواري على المسرح أننا ضد القوى الراغبة في الحرب والدمار والقتل، وأنهم لن ينالوا مآربهم، وسنظل أصدقاء.

ينتقد جيتاي بحدة نظام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلًا: إنها فكرة وهمية مجنونة تلك التي يزرعها نتنياهو وعصابته في عقول عدد ليس بالقليل من الإسرائيليين، بأننا سننتصر من خلال فرض القوة.
 مستكملًا: أولًا وقبل أي شيء، لن يحققوا النصر أبدا، وبالمناسبة ليس هناك ما نجنيه سوى الموت. ما الذي يعتقدون أنهم سيفوزون به؟! ينبغي على اليهود أن يتفوقوا عليهم في الذكاء، إن القوة ليست حلًا للصراع.

أتذكر ما قاله إسحاق رابين عن غزة عندما رافقته إلى واشنطن كان يقول: لا يمكننا اتخاذ قرارات من جانبنا فقط، وعلينا أن نحرص على أن يتلقى الـ 26000 فلسطيني من عمال، وموظفين رواتبهم، فهم بحاجة للمياه، والكهرباء، حتى الأوكسجين في المستشفيات.
لذا إذا كنت راغب حقا في السلام، فعليك بالتحدث مع الآخر. لم يعد الموقف مقتصراً على جانب واحد فقط، بما في ذلك الأفعال الوحشية التي ارتكبتها حماس في السابع من أكتوبر بقتلهم سكان الكيبوتس ممن تواجدوا هناك من أجل السلام وحماية الأطفال في غزة.

لقطة من فيلم “شيكون”

إذن، ما هذا؟، من باعتقاده أن ما اقترفوه، أو ما يحدث الآن في غزة سيطرح أي حلول؟!
نحن نتحدث الآن من قلب أوروبا، لكن حتى الأوروبيين النبهاء، تمكنوا فيما مضى منذ أقل من مئة عام من القضاء على القارة بأكملها مرتين، بقتلهم عشرات الملايين حتى توصلوا في النهاية الى نتيجة بسيطة مفادها أنه من المحتمل أن يختلفوا.

اكتمل فيلم شيكون قبل أحداث السابع من أكتوبر، والرد الإسرائيلي المسلح في غزة، هل يرى المخرج الفيلم ونهجه بشكل مغاير الآن؟ بما أننا نتجاذب أطراف الحديث في صقلية، وجيتاي يرى أن أعمال مخرج الواقعية الإيطالية روبرتو روسيليني تلهمه.

يقول جيتاي: عندما قدم روسيليني فيلمه “ألمانيا، العام صفر”Germany, Year Zero كان الوحيد الذي لم يقدم أفلاما كوميدية غبية على غرار الأفلام الأمريكية والبريطانية التي كانت تصور الدبابات وهي تهرع عبر ألمانيا، وبدلا من ذلك صور كيف جنت ألمانيا على نفسها، إن هذا الفيلم تحفة فنية.
إن أعظم الأفلام التي شاهدتها في حياتي تبدأ بعد انتهاء عرضها، حينها تتساءل ما الذي يود هذا الشخص أن يخبرك إياه، عليك إعادة تشكيله من جديد لاكتشاف ذلك.

إذا ما واجهتنا أياما غبراء مثل التي نعيشها اليوم، فإن تساؤلاتك في محلها، لكن ما الذي ينبغي علينا فعله؟
أنا لن أعيد توليف الفيلم من جديد.

Visited 1 times, 1 visit(s) today