الفيلم الإيراني “محمد رسول الله” قارب الانتهاء ويعرض قريبا
كتب سجاد أميري من طهران في جريدة “عمان” التي تصدر في إمارة مسقط تحقيقا عن الفيلم الإيراني الضخم الذي ينجزه المخرج الايراني المعروف مجيد مجيدي عن محمد رسول الله ننشره في اطار تغطية موقعنا لأهم ما ينشر عن السينما في الصحف العربية:
وصل أكبر مشروع سينمائي في ايران أخيرا الى خط النهاية حين أعلن المخرج الإيراني المعروف مجيد مجيدي ان فيلم “محمد رسول الله” قارب النهاية وهو يحكي عن الفترة التي سبقت ولادة الرسول محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام لحين بلوغه الثانية عشرة من عمره الشريف.
ويتوقع ان يعرض الفيلم خلال العام الجاري، بعد دبلجته الى ثلاث لغات هي العربية والانجليزية والاوردية، في صالات السينما الايرانية، بالتزامن مع دور العرض في بعض الدول الاسلامية.
وأكد مخرج الفيلم السينمائي التاريخي مجيد مجيدي انه استفاد في انتاج الفيلم من كتب التاريخ الاسلامي، انطلاقا من تاريخ ابن هشام ومرورا بتاريخ الطبري وكافة النسخ التاريخية الاخرى التي دونت في هذا المجال.
واضاف مجيدي في مؤتمر صحفي حول الضجيج المفتعل بشأن هذا الفيلم الذي اعتبرها وجهات نظر متسرعة، قال: “اننا اغلقنا الطريق امام اية شبهة. من جهة اخرى اخترنا حقبة من تاريخ حياة النبي الاعظم التي سبقت الولادة وإلى مرحلة الطفولة وبدايات الشباب لنعالج مبدئيا موضوع ظهور الاسلام.
وتابع: “ان الفيلم يرد على سؤال “ما هي ضرورة مجيء الاسلام؟ ويعالج مرحلة العصر الجاهلي قبل مجيء الاسلام حتى ولادة الرسول محمد وحياته وسفره في سن 12 عاما برفقة عمه ابي طالب الى الشام، وبعد وصولهم الى الراهب المسيحي بحيرا تنتهي القصة حيث يبشر الراهب ابا طالب بنبوة ابن اخيه محمد. واضاف: “هذه هي حقبة لا خلاف حولها بين ابناء مختلف المذاهب الاسلامية ولذلك فأنا متأكد ان عرض الفيلم يؤدي الى وحدة العالم الاسلامي”.
وحول الاسباب التي دفعته لإنتاج هذا الفيلم قال المخرج مجيدي: هناك نوع من العناد والمناهضة للإسلام بدأت في الغرب في العقود الماضية وبلغت ذروتها في الاساءة لقدسية الرسول بنشر الرسوم الكاريكاتورية والافلام المسيئة له عليه الصلاة والسلام، كما كانت هناك قراءات خاطئة عن الاسلام وتم تقديم صورة عنيفة ومشوهة عن الاسلام وبالتالي تم ربطه بالإرهاب والحرب واراقة الدماء”.
واضاف المخرج الإيراني: “من المؤسف انه تم ترسيم نظرة راديكالية عن الاسلام، تلك النظرة التي اعتمدت في قراءاتها على الجماعات المتطرفة والقاعدة والذين شوهوا صورة الاسلام الحقيقي السمح ولذلك فان الغرب أخذ هذا الجانب الخاطئ وتجاهل الاسلام الحنيف الحقيقي الذي ليس له علاقة بالإسلام الطالباني”.
وختاما قال مجيدي: “انني بذلت قصارى جهودي في هذا الفيلم لتقديم صورة حقيقية عن الاسلام ونبي الرحمة و”رحمة للعالمين”.
ويقارن مجيدي أنه في ظل وجود أكثر من 200 فيلم تتناول حياة المسيح عليه السلام وأكثر من 100 فيلم عن حياة النبي موسى عليه السلام، لم ينتج خلال 40 عاماً سوى فيلم واحد عن سيرة الرسول محمد.
وفيما يخص السيناريو الذي شارك في كتابته مجيدي بمعية كامبوزيا برتوي وحميد امجد فقد أنتهى مسودته خلال ثلاث سنوات. والسيناريو تم إقراره من قِبل فريق من المؤرخين والباحثين في السنة النبوية الشريفة.
وتمت ترجمة الوثائق التاريخية للأحداث بمساعدة فريق آخر شارك فيه عدد من رجال الدين من دول عدة مثل إيران والمغرب وتونس ولبنان والعراق والجزائر. ويقول مجيدي “لسوء الحظ لا توجد مصادر شاملة كاملة حول طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما المصادر المتاحة تحوي بعض البيانات المتكررة والمزيفة”.
يشار الى ان هذا الفيلم هو ثاني أكبر انتاج سينمائي ايراني حتى الآن وتكون ميزانية انتاجه اكثر بكثير من نظرائه الداخلية في المضامين الدينية حيث يعتبر هذا المشروع الفني الأكثر تكلفة في تاريخ السينما الإيرانية.
وتم تصوير ٩٩ بالمائة من المشاهد في ايران؛ بينما صُورت المشاهد المتعلقة بخروج “ابرهة الحبشي” بجيش كبير للهجوم على مكة وهدم الكعبة المشرفة، في القارة الافريقية. وتم انتاج الفيلم بجهود فريق فني ضم اشهر الفنانين والمصورين من ايران وعدد من الدول العربية والاجنبية.
وقد اراد المخرج مجيدي من هذه الخطوة والخطوات المشابهة كالتصوير في افريقيا وترشيح فنانين اجانب للمشاركة في العمل، اراد ان يكون هذا العمل على مستوى عالمي لأجل استقطاب مشاهدين عالميين وتعريف العالم بشخصية النبي الاكرم محمد حيث ضم فريق عمل الفيلم، حاصلين على الاوسكار منهم المصور العالمي المعروف الايطالي (فيتوريو اسطورارو) الذي قال حول تصويره مشاهد فيلم “لقد كان كتاب رسم لـ محمود فرشجيان الرسام الايراني الشهير مصدر الهام لي في تصوير مشاهد الفيلم”.
وقال الايطالي مدير التصوير (فيتوريو ستورارو) الحاصل على ثلاث جوائز اوسكار في لقاء له نشرته مجلةMovie Maker السينمائية التي تصدر في امريكا، حول انضمامه الى المشروع السينمائي الايراني الكبير: في سنة 2010 عملت مع المخرج الجزائري رشيد بن هادي في عمل سينمائي جزائري، ولغرض ان اتعرف على الاسلام اكثر شرعت بقراءة كتاب عن حياة الرسول محمد، وما ان اتممت الكتاب، وكما في الاحلام، تلقيت رسالة الكترونية مضمونها، هل انت راغب بالعمل في انتاج الجزء الاول من ثلاثية سينمائية عن حياة الرسول محمد؟ ومن ثم جرى اللقاء بين اسطورارو من جانب والمخرج مجيدي والمنتج مهدي حيدريان من جانب آخر في روما يونيو سنة 2010.
واضاف: فيتوريو اسطورارو في اللقاء حول العمل ومتلقيه: لقد اوضحوا لي انهم يرجحون في الاهمية التركيز على المخاطب او المشاهد العالمي على قصة حياة الرسول ذاتها وان يفهم الناس في العالم معنى القرآن، فسالت هل ان الفيلم يهدف الى ان يوحد الناس بمختلف اديانهم في العالم، ام يصنفهم الى اقسام؟ فأجابوا ان الهدف هو ان يوحدوا الناس بأديانهم وقناعتهم المختلفة، وقالوا: ان رسول الله محمد هو قصة على مستوى الانسانية. وبعد المحادثات الاولية حول العمل قرأ فيتوريو اسطورارو القرآن وكتاباً عن حياة الرسول وزار عدة متاحف منها المتحف الوطني في طهران، وهو المكان الذي يوجد فيه نصوص ورسوم وتماثيل كثيرة عن ذلك الزمان.
واشار فيتوريو ستورارو الى اسم يعرفه الايرانيون جيداً قائلاً: ارشدني مجيدي الى مشاهدة لوحات رسم في كتاب لاحد الفنانين الايرانيين الكبار واسمه محمود فرشجيان فكان هذا الكتاب بمثابة مصدر الهام لأفكاري في الفيلم.
ومن ضمن فريق عمل الفيلم الحاصل على الاوسكار في المؤثرات البصرية عن فيلم “باب” لسنة 1996 وهو سكارت اي اندرسون، وقد تولى مهمة صنع المؤثرات البصرية لمشاهد هجوم ابرهة الحبشي في الفيلم، ولـسكارت اي اندرسون اعمال في المؤثرات البصرية للأفلام: “مغامرات تن تن” و”ترميناتور 2″ و “البوابة التاسعة” و”كينك كنك” و”العظام المحببة”. وضم فريق عمل مجيدي ملجن كركاك كاكوف تيس الحاصل على جائزة سيزار و المرشح لعدة جوائز اخرى وهو مصمم ديكو ومشاهد معروف عالمياً.
المخرج الايراني الشهير مجيد مجيدي حاصل على جوائز عدة وطنية ودولية ومن أبرزها عن فيلمه “أبناء الجنة”. وقد رشح في وقت سابق لنيل جائزة أكاديمي عام 1998 لأفضل فيلم بلغة أجنبية.
الفيلم السينمائي “محمد رسول الله” للمخرج مجيدي يعتبر امتداداً لسلسلة الاعمال التاريخية التي اشتهرت بها السينما والدراما الايرانية مؤخراً، مثل مسلسل “يوسف الصديق” و”ملك سليمان ” و”أصحاب الكهف”.