السينما المصرية تبحث عن أفلام أكتوبر

من فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي" من فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي"

يشكل انتصار مصر في 6 أكتوبر علامة فارقة في التاريخ، ومع ذلك نرصد غيابا كبيرا عن دور السينما لفيلم يوازي أهمية هذا الحدث العظيم.

البعض سيرِد على ذهنه حفنة قليلة من الأفلام، منها “الرصاصة لاتزال في جيبي”، “العمر لحظة” و”الوفاء العظيم” وعدة أفلام لا يتجاوز عددها اليد الواحدة، مع قلة مخجلة للمسلسلات التليفزيونية التي تناولت هذا الحدث الكبير.. فهل هو تقصير من صُنَّاع الدراما، أم عدم إحساس بالحدث وقيمته التاريخية، أم تقليل من شأنه؟
مؤكد أن السبب ليس عدمَ إحساسٍ منهم ،أو تقليلاً من أهمية هذا النصر المحوري والفاصل في تاريخ مصر، وهذا ليس دفاعاً عن صانعي الدراما في السينما والتليفزيون، فبمقدرتهم الرد وتوضيح ما نجهل من أسباب، وكلهم وطنيون لا يحتاجون لمن يُزايد على وطنيتهم، وهم الذين قدموا لنا هذه “الحفنة” من الأفلام، وإن كانت قليلة.

لكن هذه الأفلام لا تفي بحاجة المشاهدين من الأجيال المختلفة، ولا توازي ولا تعكس نصر أكتوبر، على جميع المستويات عسكرياً ومجتمعياً وسياسياً وتاريخياً وثقافيا.. أليس غريباً أن يخلو أرشيف السينما المصرية من فيلم حربي عن أكتوبر، فيلم يوازي الأفلام الحربية العالمية، مثل “إنقاذ الجندي رايان” و”ستالينجراد” و”بورت هاربور”.. ألا يستطيع المصريون أصحاب التاريخ السينمائي الطويل إنتاج فيلم من هذه النوعية، فيلم حربي يتماس مع الجانب التاريخي والإنساني والمجتمعي، صحيح أن “حفنة” الأفلام التي أشرنا إليها تناولت قصصاً عاطفية، وهذا ليس عيبا، ولكن الخط العاطفي كان هو الأبرز، واكتفى صانعو هذه الأفلام بلقطات أرشيفية من معارك أكتوبر، لاتُسمن ولا تُغني من جوع.

الصمت


 في دولٍ أخرى، أقل من مصر تاريخاً وثقافة وسينما، يتم تمجيد أحداث عابرة، كالدورات الرياضية، أو الفنون الشعبية.
السبب إذن تقصير الدولة المصرية أولا، فالمشكلة الرئيسية هي التكلفة العالية جدا للأفلام الحربية، مما يستوجب دعم الدولة لهذه الأعمال.

رغم ذلك، فهناك أفلام تم إنتاجها ولكنها مُنِعت من العرض، كما تم إلغاء بعض أفلام بدأ تصوبرها بالفعل، وبعضها تم عرضه بعد تغير الظروف السياسية، ومن الأفلام التي لم تر النور الفيلم القصير “الاستعراض الأخير”، من بطولة “نور الشريف” وبدأ تصويره فى ثانى أيام انتصار أكتوبر 1973 مباشرة، وتم منع عرضه عقب توقيع معاهدة السلام.

وهناك الفيلم الوثائقي “الكتيبة 418” ويتناول بطولة الكتيبة 418 دفاع جوى فى بورسعيد، وتصديها للهجوم الجوي الإسرائيلي على مدار 8 أيام من القتال، والمهم في الفيلم -إضافة لموضوعه- أنه أُنتِج بالجهود الذاتية.. وهو من إخراج “وليد سارى”، ويظهر فيه قائد الكتيبة والضباط الحقيقيون المشاركون في المعركة متحدثين عن أدوارهم فى المعركة.

العمر لحظة

ومن الأفلام التي تعرضت للمنع “فيلم أسد سيناء” ويتناول شخصية البطل أحد أبطال الحرب، الذى لُقِّب بـ “أسد سينا”، بعدما حاصرته كتيبة صاعقة إسرائيلية.. الفيلم بطولة عدد من الشباب وإخراج “حسن السيد”، وكذلك فيلم “حائط البطولات”، والفيلم يتحدث عن المشير “محمد علي فهمي” قائد سلاح الدفاع الجوي في حرب أكتوبر، ويظهر مدى إسهامه في إنجاح الحرب، وقد منعه الرئيس “مبارك” من العرض.. الفيلم يشارك فيه محمود ياسين وفاروق الفيشاوي وحنان ترك وخالد النبوي وعايدة عبد العزيز، وقدعرضه التليفزيون المصري بعد رحيل “حسني مبارك”. 

زائر الفجر

كما يعد فيلم “زائر الفجر” من أشهر الأفلام التي تعرضت للمنع، أخرجه “عزت شكري” سنة 1973 من إنتاج وبطولة “ماجدة الخطيب” مع “عزت العلايلى”.. الفيلم يتناول الوضع السياسى الذى كانت تشهده البلاد فى تلك الفترة، وتم عرضه لفترة قصيرة، قبل صدور أمر بمنع عرضه، لكنه وجد فيما بعد طريقه للعرض على بعض القنوات العربية. .

وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر، وتدليلا على أن المصريين يمكنهم تقديم هذه النوعية من الأعمال متى أرادوا، فقد شاهدنا مسلسل “الاختيار” عن حرب مصر ضد الإرهاب، وفيلم “الممر” عن حرب الاستنزاف، وكلاهما جيد الصناعة ويتضمن مشاهد حربية كثيرة وجيدة الصنع، بما يشبع نهم المشاهد المتعطش، والدولة تقف وراء إنتاجهما.. ولا يغيب عن ذهني فيلم “حرب كرموز”، من إنتاج السبكي، وهو فيلم جيد في إطاره.. وإذا كان أحد المنتجين مؤمناً بأهمية تقديم مثل هذه الأعمال، فالأحرى أن تؤمن به الدولة وتدعمه.