“الزين اللي فيك” لنبيل عيوش: فيلم فضح بعض أعطابنا
نازلة فيلم “الزين اللي فيك” للمخرج نبيل عيوش جعلت من عمل سينمائي موضوعا للتداول المجتمعي ولسجال ساخن جعل أكثر من موضوع حارق يتراجع إلى الخلف ولو بشكل مؤقت. وهي نازلة كشفت عن عدة أعطاب تترصد نسيجنا الثقافي والفني والسياسي كذلك.
أول هذه الأعطاب هو اكتشافنا أن المسؤولين ببلدنا مازالوا يعتبرون أن المنع هو أسهل الحلول وأن المواطن المغربي هو كائن قاصر تتخذ القرارت بدله وفي غيابه. كما أن الفيلم قد كان سببا في جملة زوابع عرفها العالم الإفتراضي الأزرق حيث برز “أبطال” أشاوش طالبوا بمنع العمل ومحاكمة الممثلين والممثلات دفاعا عن “حرمة الوطن” و “كرامة المغاربة”. والإستجابة من طرف الدولة كانت بسرعة قياسية لم تحظ بها حملات كان موضوعها قضايا مصيرية كالشغل والرشوة وحقوق الإنسان. هو فيلم ، بدا للبعض ، أن بإمكانه “بث الرذيلة” و “زعزعة الإستقرار الفكري” للمغاربة مما يدفعنا إلى أن نطرح سؤالا بريئا: لماذا ينتفض بعض المغاربة ضد الدعارة حينما تكون موضوع عمل سينمائي ولا ينتفضون ضدها حينما تعرض نفسها في الشارع العمومي وفي الملاهي؟ ولماذا شرائح عريضة من مجتمعنا ىلم تعد تخفي نفاقها ؟
العطب الثاني الذي أبرزه هذا الفيلم هو أن تعاملنا مع الإنتاجات السينمائية والوفنيةعموما يحتاج إلى مراجعة جدية، فالمغربي ذو الثقافة المتوسطة، والذي غالبا ما يملك حسابا بالفابسبوك، يخلط عموما وبسهولة بين العمل الفني ومقابله الواقعي، وبين مراكش المدينة التي نحبها ومراكش باعتبارها فضاء سينمائيا، وبين الدور وشخصية الممثل، وبين عمل أنجز ليعرض في التلفزيون وآخر وضع للقاعات السينمائية بعد تأدية ثمن تذكرة.
أما نسخ الفيلم التي تم تسريبها، وهذا هو موضوع العطب الثالث، فهي تؤكد أن المخرج نبيل عيوش قد ظل وفيا لتصوره الفني التعليمي والمتعالي أحيانا على الجمهور اولذي يريد أن يوجه المتلقي نحو وجهة معينة محددة سلفا، وظل وفيا لصداميته ولقناعته أن الفن يمكن أن يكون فاعلا وفعالا في تحريك بعض المياه الآسنة، غير أن هذا التشبث كان على حساب المقومات جمالية للعمل حيث أن ما تمكنا من مشاهدته هي مشاهدد مملة و غير مقنعة وتخلط ما بين البعد التخييلي والوثائقي . وقد تكون الشجاعة وحدها غير كافية إن لم يصاحبها اقتراح جمالي قد يسهل هضم وتقبل قساوة حقيقة ظاهرة مرة نعايشها ، ولكنها حينما تنقل إلى المستوى الفني تتطلب مقاربة تختلف عن المقاربة القضائية أو الإجتماعية.
ثم إن المجتمع المغربي على ما يبدو أصبح ينزع، بنحو مخيف ومرعب، نحو المحافظة والإيمان بالرأي الواحد حيث أنك مثلا لن تسلم من سهام النقد سواء قلت أن فيلم نبيل عيوش هو منتوج غير مقنع فنيا، أو قلت بأن له حرية أن يقدم منتوجا سينمائيا كما يتصوره هو أو طالبت بحقك في أن ننتقد هذا الفيلم وأن ترفض أية وصاية مهما كان مصدرها.
* ناقد سينمائي من المغرب