“الدستور” الأردنية: عن رمزية الأمل في فيلم “شتي يادنيا”
في “الدستور” الأردنية كتبت رشا عبد الله سلامة عن الفيلم اللبناني “شتي يا دنيا”، الذي حصل على جائزة أحسن فيلم عربي في مهرجان أبو ظبي السينمائي العام الماضي، وذلك بعد عرضه مؤخرا في المركز الثقافي الملكي بعمان، واعتبرت أنه يُمثّل الحصان الأسود الذي جاب فعاليات مهرجان “كرامة”لأفلام حقوق الإنسان.
وترى الكاتبة أن الفيلم”عاين عن كثب إرهاصات الحرب الأهلية اللبنانية، والتي تكاد تنسحب على أي حرب كانت، بتبعياتها القائمة حتى اليوم، وإن كان نأى بنفسه عن التعرّض لمسبباتها؛ كيلا يثير ذلك امتعاض أي طرف سياسي، وكي يرفد هدفه الذي بدى جليا: طيّ الصفحة بجدلياتها كلها، وفتح أُخرى تحمل الحب والسلام عنوانا بين الطوائف والديانات.
ومضت تقول: يستهلّ الفيلم مَشاهده، التي غلب عليها الطابع الكئيب من حيث توليفة الألوان والموسيقى التصويرية وملامح أبطال العمل وانفعالاتهم، بمشهد سيدة تُدعى نايفة النجار، تطبع على آلة كاتبة رسالة لابنها المختطَف في الحرب الأهلية، لتنشرها في جريدة السفير في العام 1984.
في غضون ذلك يعود أب مخطوف، يؤدي دوره الممثل اللبناني إحسان مراد، إلى عائلته بعد غياب عشرين عاما، ليبدأ فصل جديد من المأساة؛ إذ تعجز عودته عن جسر الهوّة التي خلّفتها الأعوام بينه وبين زوجته المكافحة، التي أدّت دورها الممثلة اللبنانية جوليا قصّار، وبينه وبين ابنيه اللذين يغرق كل منهما في مشكلاته النفسية والسلوكية جرّاء الوضع الاستثنائي الذي وجداه منذ تفتّق وعيهما.
تتوالى الأحداث، فتتكشّف الأضرار النفسية والعصبية والجسدية التي ألحقها الخطف بالبطل؛ إذ يهيم على وجهه في الشوارع، لينصدم برؤية بيروت جديدة غير تلك التي عهدها، وليصبح مهووسا بجمع الأكياس الورقية الملونة، وليغدو عاجزا عن القيام بأي دور حيال زوجته وعائلته.
الثغرة الجوهرية في الفيلم كانت في اعتماده على عامل الصدفة، التي من شأنها إضعاف أي عمل أدبي أوفني؛ إذ يدخل البطل في إحدى نوبات هلعه إلى سرداب بناية، ومن ثم يرتمي على باب شقة يظهر بالصدفة أنها لزوجة مختطّف مثله ! وفي استغراق بعامل المصادفة، يتبين في نهاية المطاف أنه يعرف زوجها، بل وأنه حدّثه عن حبه لها، على الرغم من إنكاره ذلك حين سألته مرارا عنه مستعرضة صوره أمامه؛ كيلا يصدمها بحقيقة أنه توفي إثر مرض ألمّ به في المعتقل!
آثر المخرج بهيج حجيج إنهاء فيلمه برمزية أمل، على الرغم من انتحار نايفة النجار بعد أن عجزت عن احتمال ألم غياب ابنها، وعلى الرغم من كشف حقيقة موت المختطَف الذي ما تزال زوجته تنتظره، إلا أن بادرة الحب التي نشأت بين الشخصية المسلمة والمسيحية وكذلك المطر الناعم الذي غسل سماء بيروت من الآلام، كانت ختام الفيلم، الذي يُسجّل له تعليقه الجرس فيما يتعلق بقضية مسكوت عنها ليس في لبنان فحسب، بل وفي العالم العربي الذي ما يزال يغرق في دوامة الاحتلال والحروب والطائفية.