أطفال الحلم واللعنة: قراءة في مسابقة المهر العربي للأفلام القصيرة
خمسة عشر فيلما روائيا قصيرا ضمتهم مسابقة المهر العربي للأفلام القصيرة ضمن فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان دبي السينمائي- 9-16 ديسمبر، وذلك بواقع فيلم واحد من مصر “نور” للمخرج أحمد إبراهيم وفيلمين من المغرب “فالس مع اسمهان”لسامية الشرقيوي و”فوهة” لعمرو مولدويرة.
وثلاثة أفلام من سوريا “مراجيح” لعمار البيك و”فلسطين صندوق الانتظار” لبسام شخيص، و”الجيد والسئ والسادي” لابراهيم رمضان، وثلاثة أفلام من لبنان هي: “خلفي شجر الزيتون” لبسكال أبو جمرة، و”إيقاع الفصل الثالث” لماريا عبد الكريم، و”رجل خطير جدا” لمازن خالد.
ومن العراق شارك فيلم واحد هو “بغداد ميسي” لساهيم عمر خليفة، ومن تونس “صباط العيد” لأنيس لسود، ومن الأردن “حمى عائلية” لعمرو عبد الهادي.
ومن أفلام الإنتاج المشترك “ذبذبات فوق صوتية” للمخرجة الجزائرية الأصل مي بوحدة وهو إنتاج فرنسي، و”هذا الدرب أمامي” للمخرج المغربي الأصل محمد بو ركبة وهو أيضا إنتاج فرنسي، و”اللعنة” لفيصل بوليفة وهو مخرج مغربي يعيش في انجلترا والفيلم يحمل توقيع المملكة المتحدة.
استطاعت مصر أن تحصل على جائزة أفضل فيلم “نور” لأحمد إبراهيم بينما فاز الأردني “حمى عائلية” بجائزة الأتحاد الدولي للنقاد “الفيبريسي”، وحصل فيصل بوليفة على جائزة أحسن مخرج عن فيلم “اللعنة”، واللبناني”خلفي شجر الزيتون” لبسكال أبو جمرة على جائزة لجنة التحكيم.
الحلم ونظرة الطفل
لا شك أن نظرة الطفل إلى العالم داخل الفيلم السينمائي تحمل شيئا مغايرا عما تحمله نظرات الكبار، فالأطفال أو حتى المراهقين الأكبر سنا قليلا لديهم ذلك الخيال الواسع ومحاولة الأكتشاف وفرحة التحليق وأسى الأحباط ومآساة التجارب الأولى, إنهم يحملون إرث آبائهم ويسعون للدخول إلى عالم الكبار دون أن يدركوا حجم الهول الذي ينتظرهم، كل متلقي في حقيقة الأمر يحمل ذلك الطفل في ذاته بشكل أو بآخر، فأطفال السينما يمنحوننا الحق في أن نعود إلى الوراء بذاكرتنا وفي دواخلنا دون خجل أو قيود.
ثمانية أفلام من أصل خمسة عشر فيلما من أفلام مسابقة المهر العربي للأفلام القصيرة قدمت عبر نظرات الأطفال وعوالمهم وأحلامهم بل وهواجسهم وعفاريت طفولتهم، بعضها يتماس في نقاط واضحة مثل العلاقة مع الأهل وأكتشاف العالم الخارجي وبعضها يمثل الأطفال فيه الخلفية الدرامية والعيون التي تراقب وتصدر الأحكام.
في الفيلم العراقي بغداد ميسي نتابع عملية اكتشاف حمودى لقسوة العالم، إنه طفل بساق واحدة يعيش خارج بغداد ويعشق نجم كرة القدم ميسي حتى انه يرتدي فانلته، ولكن لأنه بساق واحدة فلا يتمكن سوى من الوقوف كحارس مرمى، يتعرض لسخرية زملائه وطردهم له لإنه لا يجيد حراسة المرمى بساق وحيدة، يصبح أمله في ان يستعيد علاقته بهم أن يقوم بإصلاح التليفزيون المنزلي القديم كي يجتمعون عنده لمشاهدة المباراة النهائية بين برشلونة ومانشستر يونايتد، يرجو أباه أن يصطحبه إلى بغداد كي يصلح التليفزيون وهناك بعد إصلاحه يصاب الأب بطلق ناري جراء عمليات المقاومة، ويعود ميسي وحيدا مع التلفاز دون أباه، يجلس ليشاهد المبارة في حين تسأله الأم عن الأب الغائب فيقول لها سوف يعود.
وعندما يحرز ميسي هدفا في المباراة تموت كل فرحة الطفل، لقد فقد أباه من أجل أن يشاهد هذا الهدف، لم يكن فقدانه لساقه يعييه ولكن اللحظة التي أكتشف فيها أن أباه لم يعد معه وهو الذي كان يدعمه أيقن أن كل أهداف الدنيا لا يمكن أن تعوضه.
ومثلما يفقد حمودى أباه يفقد كريم أمه في الفيلم المغربي “فوهة”، لقد أراد أن يصير رجلا متصورا أن أمه تحول بينه وبين عالم الرجال, أراد أن يقهر خوفه من فوهة البئر التي يقال أنها تحوي عفريتة في داخلها، يراها في أحلامه وهي تستحم بمفردها في غرفة داخلية بحمام الرجال الذي يصر أباه أن يصحبه إليه بعد أن كان يذهب إلى حمام النساء مع أمه.
ينهض وقد بال على نفسه فيرجو أمه ألا تبلغ أباه كي لا يعتبره ما يزال طفلا, تمنحه منديلا يحمل رائحتها كي تحفظه من كل خوف، لكنه حين يكتشف أنها قامت بنشر الملاءات المغسولة داخل صحن الدار يصاب بالجنون, لانه يظن أن أباه سوف يعرف فعلته فينهرها ويتشاجر معها وفي غمرة غضبه يذهب كي يلقي منديلها في فوهة البئر، وعندما يعود إلى المنزل يجد يدها وقد إستكانت إلى جانبها على الأرض, لقد سقطت من فوق السلم الخشبي حين أرادت أن تصعد لسطح البيت كي تنشر له الملاءات.
يذهب بعدها كي يلقي نفسه في البئر لكن أباه ينقذه, يصعد به وقد تحول إلى رجل بالفعل، لكنه رجل حزين، لقد فقد أمه بسبب إصراره على أن يصير رجلا تماما كما فقد حمودى أباه حين اصر ان يصلح له التليفزيون في بغداد.
ولكن في مقابل فقدان السند في الحياة وأكتشاف قسوتها ثمة أمل في أن الحلم يمكن أن يتحقق وأن البشر مثل باقي أطفال السماء يمكن لهم أن يلمسوا أحلامهم المستحيلة طالما صدقوها.
في الفيلم التونسي “صباط العيد” – أي جزمة العيد- يحلم نادر الذي لم يتجاوز التاسعة من العمر بحذاء له أجنحة يراه أثناء شراء ملابس العيد، إنه يشتهر في مدينته الصغير “بفللوس” أي السريع الركض، حيث لا يتوقف عن القفز والجري في كل مكان، يساعد أمه في بيع الفطائر ويذهب إلى المدرسة ويرسم حصانا مجنحا يتماهى معه في خياله.
وعندما تقع عيناه على الحذاء المجنح ويفشل أباه في شرائه بسبب غلو سعره تتدهور حالته النفسية وتظل تراوده تلك الأحلام- المنفذة بالرسوم المتحركة- حول الطيران بالحذاء، لكنه يرى الحذاء يهجره ويسقط من السماء ليستيقظ وقد بال على نفسه تماما مثل كريم الذي كان يحلم بالعفريتة تستحم.
تتكرر تيمة بول الأطفال على أنفسهم في الأفلام دلالة على الهزيمة والعجز والخوف والقهر الإنساني, لكن نادر يصحو ذات صباح ليجد الحذاء في إنتظاره، لقد اشتراه له صديقه المشلول الذي يبيع الفطائر أمام المدرسة وكان يعتبر نادر بركضه المتواصل تعويضا معنويا عن شلله.
في مشهد رائع نراه وهو يحمل نادر على ظهره وينطلق بكرسيه المتحرك منحدرا بشدة كأنه يحمله ويطير، ومن هنا يصعب عليه أن يُحرم نادر من تحقيق حلمه بالطيران بالحذاء المجنح فيشتريه له، وفي النهاية يطير نادر محلقا فوق سماء مدينته والكل يجري ورائه غير مصدقين أن حلمه بالطيران تحقق بالفعل لأنه آمن به.
ومثل نادر يحلم فينجو في الفيلم المصري “نور” أن يضيئ واجهة البناية الذي يقيم فيها بأنوار رمضان, الكل يعترض عليه لأنه لا يوجد أمامهم بناية أخرى لتعليق أفرع اللمبات الملونة، يحاول فينجو بشتى الطرق، بداية من جمع النقود وصولا إلى سرقة اللمبات من البنايات المجاورة، وحين يقترب من تحقيق حلمه يتشاجر الأسطى الميكانيكي الذي يعمل عنده مع أحد رجال الحزب، لا ندري أي حزب!
ويبدو الشجار مفتعلا بشدة وغير مقنع خاصة عندما يحضر رجل الحزب الشرطة لمنع فينجو من سرقة التيار الكهربي من صندوق كهرباء الحي مثل الجميع, تبدو الأشارة أقرب لرجال الحزب الوطني المنحل في مصر قبل ثورة يناير، لكنها تظل هستيرية دراميا ولا محل لها من الأعراب السياسي في المشهد الحالي.
هل أراد المخرج أن يقدم نقدا سياسيا فيما يخص الحزب الوطني “القديم” أم هي محاولة لطرح فكرة ساخرة عن رجال السياسة الذين يمنعون عن البسطاء احلامهم الصغيرة بدلا من أن يساعدوهم في تحقيقها؟!
تتماس الافلام الثلاثة في كونها تعتمد في جانبها السردي والبصري على الكثير من الممثلين غير المحترفين بل والشخصيات الحقيقية في الاماكن والأحياء التي تم التصوير بها، يتضح ذلك من طريقة الأداء والحوار الذي يبدو مرتجلا والنظر إلى الكاميرا، ولكن عنصر الا ممثل هنا يبدو جزء من قوة البناء والسرد السينمائي لأنه يعطي نكهة حقيقية حتى للموضوعات التي يحتل فيها الحلم والخيال جانبا كبيرا مثل “فوهة” و”صباط العيد”.
ولا يمكن إغفال عنصري الأنيميشن والرسم بالرمال اللذان لجأ لهما كلا الفيلمين التونسي والمغربي، فالمغربي إستخدم الرسم بالرمال في البداية كتمهيد لأجواء الواقعية السحرية التي تدور داخلها الحكاية (القرية المبنية فوق بئر مباركة جف مائه بمرور الزمن وصار فوهة لأفكار الخوف والأشباح)، والتونسي إستخدم الرسوم المتحركة لصياغة حلم بطله الصغير بالطيران وهو أقرب ما يكون لخيال الأطفال الذي تشكله كثرة مشاهدتهم للرسوم المتحركة في التليفزيون.
لعنة الإرث الأبوي
قد لا يمنح العالم للأطفال فرصة أن يتشكلوا بغير أن تدمغهم تصورات الكبار عن الأفضل والأنسب والأصوب رغم أن الكبار أنفسهم فشلوا في تحقيق ذلك لأنفسهم، ثلاثة أفلام قصيرة تتماس مع فكرة لعنة الإرث الأبوي بشكل أو بآخر داخل المسابقة.
في اللبناني “خلفي شجر الزيتون” نتعرف على مريم المراهقة التي اجتازت عتبات الطفولة بسنوات قليلة والتي تعيش مع أخيها الصغير وجدتها صانعة الزيتون بعد أن أعادهم الصليب الأحمر من إسرائيل إلى جنوب لبنان، إنها أبنة إحد ضباط جيش “لحد” الذي كان مواليا لإسرائيل غداة الحرب الأهلية، وحين ماتت أمها وهجرهم أبوها لم يكن هناك مفر من العودة إلى الوطن.
هناك لا يتقبلها أحد نتيجة هذا الإرث الأبوي الملعون أو كما يقول لها إحد رجال البلدة (الناس ما بتحترمني إلا لما يموت اللي بيعرفني).
تشكل لها حالة الرفض إذدواجية في الشعور بذاتها تتبلور ماديا في شكل مونولوج داخلي تبوح به من خلال اللغة العبرية التي نشأت عليها في إسرائيل، وتطرح المخرجة من خلال هذا المونولج حجم العذاب النفسي الذي يعانيه هذا الجيل من أبناء مقاتلي لحد الذين لم يعودوا لبنانيين ولم يصيروا إسرائيليين، إنها تحاول الأندماج في المجتمع البسيط عبر عملها في عربة لبيع الهوت دوج والهامبورجر بحكم معرفتها بالإنجليزية، تخفي أمر أصولها “اللحدية” خشية طردها، تحاول التهوين على أخيها الصغير الذي يلقبه أصدقائه في المدرسة بأبن الخائن، يبدو أخاها أستعارة درامية أخرى لمعانتها النفسية ومحاولتها الأندماج رغم نفور الآخر منها.
تصور المخرجة فيلمها في طرقات البلدة الجنوبية والفتاة الصغيرة تسير فيها كأنما تؤكد وجودها المرفوض من قبل الجميع، تبحث عن سر الرفض في ذاتها دون أن يتقبل عقلها فكرة إنها مكروهة بسبب أباها.
عندما تعمل في عربة الهوت دوج يختفي المونولوج العبري تماما، تستقيم ذاتها وتبدأ في الإندماج الطبيعي، تلاحظها نظرات شاب معجب، لكن في النهاية يطردها صاحب عربة الهوت دوج عندما يعلم من كان أباها بسبب نفس الشاب، يعود المونولوج العبري مرة آخرى دلالة على تمزق وجدانها الداخلي، تحمل حقيبتها وتجر أخاها الصغير وتعود إلى إسرائيل من حيث جاءت بينما الغروب يلف الأفق من خلفها والليل يبدو هابطا في ثقل فوق رأسها الصغير.
وبنفس فكرة الإرث الأبوي الملعون تعاني لورانس المراهقة الصغيرة ذات الخمس عشرة عاما في فيلم “ذبذبات فوق صوتية” والتي تحاول التخلص من التبعية الطفولية السخيفة لأب غير متزن نفسيا، أنها تتمرن على آلة التشيللو لكن دوما ما يعوقها ضجيج أطفال الحي في الخارج أسفل نافذتها، تحاول التجاوز عن ذلك لأنهم اصدقائها، يراقبها الأب في خروجها ودخولها عندما تتوقف معهم لاقتناص مجة من سيجارة مختلسة.
يقرر عقابهم عبر تركيب جهاز موجات فوق صوتية أسفل نافذته كي يصم آذنهم كلما أرتفع ضجيجهم ليشوش على صغيرته التي تتدرب في الداخل.
تصيب لعنة الأب الجميع حتى أبنته التي يحاول حمايتها من الضجيج، تصبح الفتاة نفسها مكروهة من قبل الجميع بسبب تصرف أباها، تترك له المنزل الذي أصبح لا يطاق من شدة صفير الذبابات، يصعد أحد الأطفال إلى النافذة كي يكسر جهاز الموجات فوق الصوتية فيسقط ميتا، لقد قتل الأب إبنا لأب أخر عندما تصور أنه يحاول حماية أبنته وقتل ضجيج الحياة في الحي كله الذي كان يطلقه الأطفال في لعبهم أمام البناية في شقاوة وإنطلاق.
إرث الحرب
أما أسوأ إرث للكبار تعرضت له الأفلام القصيرة هو إرث الحرب التي أطلقتها الثورة السورية والذي نراه في الفيلم التجريبي للمخرج عمار البيك “مراجيح” من خلال تصويره طفلين صغيرين توأمين وهما يلعبان بكاميرا صغيرة بينما يختبئان من قصف الجيش السوري وطائرات الشبيحة.
قدم عمار فيلمه بالأبيض والأسود، يبدأ بمشهد لأسد في سيرك يقدم فقرة تقليدية ثم لا يلبث أن يهيج ويعض مدربه ويزآر في وجه الجميع- والدلالة واضحة بالطبع-وينتقل إلى الطفلين الصغيرين في مخبئهم من الغارات المتتالية وهم يبكون ويتلهون بالكاميرا من أصوات القصف.
تتقاطع المشاهد الحقيقية لهيجان الأسد داخل السيرك وفزع الجميع ومحاولة السيطرة عليه مع فزع الطفلين الصغيرين وبكائهم, ومشاهد من داخل طائرات الشبيحة ومشاهد لإسقاط طائرة على يد الجيش السوري الحر.
لا يوجد تمثيل أو حبكة درامية واضحة فقط ذلك التتابع المشهدي الذي يكثف واقعا عنيفا ودمويا فقد الطعم واللون متمثلا في سرد الفيلم بصريا بالابيض والأسود، حيث لم تعد الأشياء واضحة أو مميزة، ثم مشاهد للأطفال وهم يغادرون في المطار، فالمستقبل الذي يمثلونه صار في خطر كبير ولو لم يخرج هؤلاء إنقاذا لهم لحين تستقر الأمور سوف يصبح مصير هذه الأمة يتهدده الفناء من وجهة نظر المخرج.
لكن الثورة في كل الأحوال مستمرة كما نرى في المشهد الأخير والوحيد الملون والمصور من داخل إحد الجمع الثورية العديدة تأكيدا على ضرورة الصمود والاستمرار.
يبقى من بين الأفلام التي أعتمدت في موضوعاتها وسردها على الأطفال فيلم “اللعنة” المغربي والفائز بجائزة أحسن مخرج ويصور الفيلم مجموعة من الأطفال يكتشفون أن إحد مراهقات قريتهم على علاقة بشاب فيتعبرونها ساقطة، ويقررون إبتزازها بقسوة شديدة لا تتناسب مع أعمارهم الصغيرة.
يصور المخرج فيلمه في مشاهد خارجية عبارة عن رحلة قصيرة داخل الصحراء المحيطة بالبلدة النائية التي ينتمي إليها الأطفال، يبدون متربين, متعبين، جوعى، لكنهم يعتمدون على المراهقة الملعونة بينهم في إطعامهم وإلا فضحوها لدى أبيها.
تضطر الفتاة إلى الاستجابة لهم ليصبح الأطفال في تلك البيئة القاسية التي تحيطهم تجسيدا ماديا لفكرة اللعنة, يبدو العمق الدرامي في الفيلم هو إبرازه الجانب السئ في البشر حتى لو كانوا لا يزالون أطفالا، يعتمد المخرج على مجموعة من الأطفال في أعمار مختلفة لكنهم على قدر من الدمامة الشكلية والمظهرية، تجسيد حي لنفوس البشر المريضة التي تبدأ ادرانها الوجدانية في الظهور منذ عمر مبكر.
إنهم يقلدون الكبار في إبتزاز بعضهم ولا يعنيهم ألم الآخرين أو عذابهم, عندما تطلب الفتاة من أحد رجال قريتها أن يمدها ببعض المال لإحضار طعام إلى أصدقائها الأطفال يطلب منها ممارسة الجنس اليدوي، فتضطر إلى إلباس الطفلة الصغيرة التي تصطحبها سماعات للإذن كي لا تسمع وقع الممارسة، تحتل أغنية عاطفية شريط الصوت لنسمع ما تسمعه الطفلة الصغيرة لكننا نرى إنعكاس ما يحدث في عينيها القبيحتين وأبتسامتها المشوهة بأسنان غير منتظمة.
أن اللعنة هنا ليست فقط في إبتزاز الأطفال للفتاة، بل تتجاوز ذلك إلى نفوسهم البشرية المريضة، وهو ما نرى رد فعله على الفتاة بعد أن تحضر لهم الطعام حين يطلبون منها أن تشاركهم, لكن يبدو عليها الرفض والغثيان، وإذ بها تتركهم وتمضي وفي عينيها يلوح العذاب والنفور والقرف البشري من البشر أنفسهم.