مهرجان فينيسيا يسلط الضوء على السينما المغربية

في مهرجان فينيسيا السينمائي لهذا العام، الذي يفتتح في 27 أغسطس، والذي يُعدّ من أكثر مهرجانات السينما تميّزًا وتأثيرا، سيتم تكريم المغرب كدولة مميزة في برنامج “جسر الإنتاج” الذي يقام خلال الدورة الثانية والثمانين من المهرجان، مسجلةً بذلك أول مرة تحظى فيها دولة عربية بمثل هذا التكريم في تاريخ المهرجان العريق.

إن كان هناك وقتٌ للاحتفال بالسينما المغربية، فهو الآن، وبالنسبة لمن تابعوا عن كثب، يبدو هذا التكريم متأخرًا، فقد شقّ المغرب، بهدوءٍ ولكن بإصرار، لنفسه مكانًا في السينما العالمية، ليس بمحاكاة الغرب، بل باستغلال ثراء تناقضاته: القديم والحديث، الريفي والعالمي، المتدين والمتمرد. وينسج نخبة من صانعي الأفلام الجدد هذه القوام في عملٍ مؤثرٍ وعاجل، ومغربيٍّ بلا أي اعتذار.

تأملوا السريالية الحالمة لأسماء المدير، التي حصد فيلمها “أم الأكاذيب” جائزة أفضل إخراج في مهرجان كان السينمائي لعام ٢٠٢٣ ضمن فئة “نظرة ما”، أو أسلوب السرد الذي يتخطى الحدود لفوزي بن سعيدي، الذي يجمع في عمله بين الطابع المسرحي ونظرة الشارع.

في الوقت نفسه، تواجه مخرجات مثل صوفيا العلوي (فيلم “حيوانية”) وليلى الكيلاني (فيلم “على الحافة”) قضايا النوع الاجتماعي والطبقة والمناخ من خلال تجارب النوع والبصريات، وأفلامهن ليست مجرد فضوليات إقليمية، بل حوارات عالمية تُدار بإيقاع مغربي مميز.

في وقتٍ تُفكّر فيه الثقافة السينمائية العالمية في الشمولية، يُقدّم تسليط الضوء على المغرب في مهرجان فينيسيا السينمائي أكثر من مجرد لفتة رمزية، فهو يُتيح مساحةً لنقاشٍ أعمق حول السينما العربية – ليس كسوق “ناشئة” (وهي ليست كذلك)، بل كجزءٍ ديناميكيّ وحيويّ متزايد الأهمية في المنظومة السينمائية العالمية.