عالم محمد خان: البحث عن فارس في المدينة


 (1)

لو شاهدت أفلام السبعينات المصرية، ثم شاهدت فيلم “ضربة شمس”، لن تبذل جهدا كبيرا فى استنتاج أنك أمام مولد سينما مختلفة ومخرج مختلف هو محمد خان، ورغم أن الفكرة مستلهمة من فيلم مايكل أنجلو أنطونيونى الأشهر “تكبير الصورة”، إلا أن فايز غالى مؤلف “ضربة شمس”، لم ينقل الفيلم الأجنبى، ولكنه صنع عملا متماسكا وجيدا، له حبكة بوليسية، إلا أنه بالأساس فيلم عن الصورة.

بطلنا شمس (نور الشريف) المصور النشيط، كان يعتقد أن الصورة السريعة واللقطة الخاطفة وحدها تجعله يفهم كل شئ، ثم اكتشف أن الأخطر هو ما وراء الصورة،  الأخطر هو المشهد بأكمله وليست اللقطة الواحدة، المظهر خادع تماما: فرح يحضره رجال أعمال كبار يكشف عن جريمة قتل تقود الى سلسلة جرائم، وعصابة ضخمة تتاجر فى الآثار، تجربة شمس بمثابة ضربة زلزلت كيانه، وما بين مشهد البداية فى حجرة منزله الضيق، ومشهد النهاية فى قلب ميدان التحرير الواسع، تتحول الشخصية الى القراءة الأعمق لصورة عصرها وزمانها ومكانها.. تغيّرتْ حياة شمس الى الأبد بعد أن أصبح فى قلب الصورة، وكان قد تعوّد فقط على أن يكون فى خارجها.. هذا هو معنى الفيلم البديع.

ولأن الفيلم اصلا عن الصورة، فقد أتاح السيناريو أن ينطلق المصور سعيد شيمى، ورفيق عمره محمد خان لينقلا صورة القاهرة فى فيلم روائى بطريقة لم يسبق إليها إلا فيلم “حياة أو موت ” فى الخمسينات، انبهار شيمى وخان بالمكان ليس معلقا فى الفراغ وليس مجانيا، ولكنهما يبحثان عن الإنسان فى المكان، كل موقع تصوير يرتبط عضويا بالشخصيات والدراما والمغزى المطلوب، صالة البلياردو مثلا أمام دار القضاء العالى،  ليست إلا الترجمة البصرية لبداية اللعبة بين شمس وصديقه رجل الشرطة (حسين الشربينى) مع العصابة المجهولة، أما عربات المترو فهى خط النهاية للمغامرة، اللقطة الإفتتاحية  من شباك شمس التى تجعل السيارات خارج التركيز البؤرى فتظهر ضبابية غائمة غير واضحة المعالم (تماما كاللقطة الإفتتاحية لفيلم أنطونيونى ايضا نقطة زابريسكى) هى الترجمة البصرية لرؤية شمس قبل خوض التجربة، محمد خان هو ترجمان مدينة القاهرة بغير منازع، هذه الشخوص جزء من المدينة، ضوضاء الشوارع هى جزء من فوضى الشخوص وأزمتها (قال لى المخرج محمد خان أنه طلب من كمال بكير مؤلف الموسيقى التصويرية أن يعطى انطباعا بأننا فى غابة وحشية فاستخدم أيقاعات الطبول).

وهناك دوما مسحة تسجيلية واضحة لإعطاء نبض الحياة ومذاقها، لدرجة أنك تسطيع أن تصنع فيلما كاملا عن القاهرة من اللقطات الطويلة لها فى أفلام محمد خان الروائية، أصبحت تلك اللقطات وثائق بصرية:

من فيلم “ضربة شمس”

هكذا كان الإكسلسيور فى السبعينات، وهناك الكاتدرائية بالقرب من عبد المنعم رياض، والتى أزيلت بسبب أعمال بناء كوبرى السادس من أكتوبر، وهذا هو الكوبرى المعدنى فى ميدان التحرير (لحقتُ أيامه الأخيرة فى بداية الثمانينات)، وتلك ساحة السيارات أمام دار القضاء العالى حيث معظم الموديلات صغيرة وعلى قدّها، لاحظ أيضا أنه لا توجد فى الفيلم فتاة أو سيدة مصرية واحدة محجبة، هناك واحدة فقط تظهر فى لقطات المطار ملامحها آسيوية.

اكتشف شمس فى النهاية أن هناك مافيا تولد فى بلده (من الأفلام المبكرة جدا التى تتحدث عن طبقة البيزنس الجديدة)، وأنها ليست بعيدة عنه كما اعتقد (قتلت صديقه الصحفى وحاولت قتل صديقه الشرطى بل وقتله هو مع صديقته)، اتسع الكادر أمام المصور النشيط، شاهد امرأة رائعة الجمال  مثل فينوس تحترف القتل (ليلى فوزى فى دور صامت مذهل)، أىّ مظهر خادع هذا ؟ تمزقت صورة شمس بين عدة مرايا تعبيرا عن شروخ فى داخله، كان لابد من ضربة لكى يستفيق، فى النهاية، تستقبله الكاميرا مع فتاته (نورا)، تصعد معهما سلم التحرير المعدنى (قام سعيد شيمى بتصوير المشهد الطويل باستخدام ونش الكهرباء الذى يستخدم فى تركيب لمبات الأعمدة لإعطاء تأثير صعود الكرين)، ينفتح الكادر على عالم جديد، من لقطة متوسطة الى لقطة واسعة جدا، بينما تستقبل العاصمة يوما آخر، فى انتظار الشمس التى ستجعل الصورة أوضح، حتى لو لم تكن أجمل.

   (2)

لو كانت هناك خمسة أفلام كبيرة فى تاريخ محمد خان فسيكون من بينها فيلم “الحريف”، ولو كانت هناك خمسة أفلام تشهد على موهبة المشخصاتى لا النجم عادل إمام فسيكون من بينها فيلم “الحريف”، ولو كانت هناك خمسة أفلام مميزة تناولت حياة المهمشين فسيكون من بينها نفس الفيلم.

عُرض الفيلم عام 1984، كتب قصته محمد خان وبشير الديك، وانفرد الديك بالسيناريو والحوار ليدشن نموذجا ناضجا لما يطلق عليه “فيلم الشخصية”، فى هذه النوعية القليلة فى السينما المصرية تختفى الحبكة التقليدية، وتصبح المشاهد ضربات فرشاة فى لوحة الشخصية المحورية، عندما تكتمل الملامح ينتهى الفيلم، ولكن البطل هنا ليس فارس العامل فى ورشة الأحذية فقط، ولكن يشاركه البطولة الشارع ( تفتتح الفيلم كلمات أمينة جاهين بصوت أحمد زكى:   فيه ناس بتلعب كوره في الشارع.. وناس بتمشي تغني.. تاخد صوره في الشارع.. في ناس بتشتم بعض.. تضرب بعض.. تقتل بعض في الشارع .. في ناس تنام ع الأرض في الشارع.. وناس تبيع العرض في الشارع.. في الشارع أخطاء كتير صبحت صحيحه.. لكن صحيح هتكون فضيحه.. لو يوم نسينا وبوسنا بعض في الشارع).

فى أفلام خان يبدو المكان والإنسان وجهان لعملة واحدة، مهنة فارس صنع الأحذية، والحذاء أيضا وسيلته للعب الكرة فى الساحات، انفصل عن زوجته، ولكنه يحتفظ بحبها، أما ابنه فهو نقطة ضعفه، وعنوان بهجته، الكرة لم تصنع له ثروة، لأنه يلعب فى دورى المهمشين غير الرسمى، ولأنه يتعرض للإستغلال من مهمّش آخر (عبد الله فرغلى)، بطلنا ليس شريرا بل “فارس”، الاسم الذى يستخدمه خان كثيرا لتمجيد أبطاله، عندما قلت له : “أنتم نشأتم فى زمن عبد الناصر.. لذلك ظل البحث عن فارس يلازمكم حتى بين الغلابة” ، أعجبه المعنى كثيراً، ضحك ولم يعلّق.

فيلم “الحريف” بورتريه بحجم أحلام الناس العادية، منسوج بتفاصيل إنسانية مؤثرة، واقعية خان ليست خشنة أو صادمة، هو يحافظ على واقعية المشهد، ولكنه يترك بينك وبينه مسافة لكى تتأمله، شريط الصوت كيان حى، تستطيع أن تصف هذا الشريط  عنده بأنه فيلم مواز من الصمت والأصوات، كاميرا سعيد شيمى تلتقط أدق التعبيرات، تم التصوير فى ساحة عبد المنعم رياض، الفيلم من إنتاج أفلام الصحبة مبدعى فيلم “سواق الأوتوبيس”، جمعوا قروشهم، واعتمدوا على أنفسهم، عاطف الطيب يتابع الإنتاج.

كان الدور أصلا لأحمد زكى، اختلف مع خان، ذهب الدور لعادل إمام، الممثلون الموهوبون الذين يتحولون الى نجوم، تختلط نجوميتهم مع الشخصيات التى يلعبونها، يبدون على الشاشة فى معظم الأحيان بنفس شخصيتهم كنجوم، يقدمون فى كل عمل “الشويتين بتوعهم”، أفلام قليلة جدا توارى فيها النجم عادل إمام، ليفسح الطريق للشخصية المكتوبة التى يلعبها، فى “الحريف” أحد نماذج هذا الاستثناء، مغزى الفيلم هو أن الشوارع ليست أماكن، ولكنها بشر وحواديت، ومعنى رحلة فارس الحريف هو أنفروسيةالمهمشين من نوع خاص، إنها فى قدرتهم على التحايل لكسب الرزق، وانتزاع لقمة العيش، وإنقاذ الحب والعاطفة رغم كل الظروف، هذه التنويعة هى نغمة محمد خان  الأثيرة: القاهرة والناس بنظرة شاعرية ومتعاطفة.

ذكرى شخصية أخيرة: قرأت عن الفيلم قبل أن أشاهده بسنوات، لفت نظرى الهجوم الساحق الذى قاده ناقد شهير (هو الراحل أحمد صالح) متهما خان بسرقة فيلم “روكى” الشهير، مع تغيير أحداثه من الملاكمة الى الكرة، أتذكر أن خان قام بالرد، عندما شاهدت الفيلم، اختلفت مع الناقد الشهير فى رأيه.

طبعا خان تأثر بالسينما العالمية، ولكنه لم ينقل فيلم “روكى”، لا يكفى أن يكون البطلان مهمشين ولهما ابن لكى نتحدث عن النقل، الأهم من ذلك أجواء وتفاصيل الفيلم المصرى: “روكى” هو فى كل أجزائه التنويعة الأشهر على فكرة الصعود وتحقيق الحلم الأمريكى بكل خصوصيته، أما “الحريف” فليس فيه صعود وإنما دوران، فارس يظل فى طبقته لايغادرها، بل إنه لن يغادر الشارع (من الساحة الى التاكسى)، والفوز فى مباراة لم يعد وسيلة للصعود وتحقيق الذات أو للإلتحاق بفريق فى الدورى الممتاز، ولكنه أصبح مجرد وسيلة لإدخال السرور على ابنه، “روكى” أحرز هدفا حقيقيا فى مرمى الفشل، أما هدف فارس فهو إعتبارى وشرفى.

 (3)

فيلم “أحلام هند وكاميليا” من أهم وأفضل ما قدم خان فى مسيرته كمخرج، ومن النماذج المبكرة جدا على ما أطلقت عليه “الواقعية المتفائلة”، إنها تعتمد ايضا على التفاصيل، ولا تجمّل الصعاب والمشكلات، ولكنها تفتح دوما طاقة نور، وتتعامل مع الشخوص بحب  وبإعجاب،  يوما ما ستتذكرهم الحياة، هناك ضوء فى آخرالنفق، وهناك أمل لأن هناك حلم.

ثلاثة نماذج يقدمها الفيلم، ويرسمها ببراعة: خادمتان وشاب اسمه عيد (أحمد زكى .. لاحظ دلالة الاسم الساخرة)، امرأتان بمائة راجل، إذا كانت الطبقة الوسطى قد انهارت فى فيلم “سوبر ماركت” لمحمد خان بسبب الإنفتاح، فإن الطبقة الفقيرة أصلاً فى “أحلام هند وكاميليا” قد سحقت سحقا، الرجال فى الفيلم عموما شخصيات منفرة تستغل النساء (عثمان عبد المنعم  الجشع ومحمد كامل المدمن)، تنتقل هند وكاميليا من مكان الى مكان، ومن عمل الى عمل.

أحلام هند وكاميليا

لاتوجد حبكة، وإنما هى دائرة من الخيبة والفشل، ولكن محمد خان يرى أن أثمن ما يمتلكه هؤلاء الحلم، وهذا ما نراه فى مشهد النهاية البديع: يضيع المال والذهب، ولكن هند وكاميليا يعثران على الطفلة “أحلام”، ابنتهما المشتركة، وطبعا دلالة الاسم واضحة، يجرى الثلاثة أمام بحر مفتوح، وسماء صافية،الواقع قد يحرم الغلابة من المال، ولكنه لن يستطيع أن يسلبهم أحلامهم. كان يمكن أن تتحول التفاصيل البائسة للشخوص الى ميلودراما من الدرجة الثالثة عند أى مخرج آخر، ولكنها اكتسبت شاعرية عند هذا المخرج الكبير، لأنه يستهدف تمجيد صمود المهمشين وحبهم الحياة رغم كل شئ.

لا تنس أيضاً أن الفيلم يبدأ بكتابة أسماء أبطاله على اللوحة الإليكترونية الملونة أعلى مبنى محطة مصر، وكأنه يقول هؤلاء الناس هم الجديرون بأن نحكى عنهم، وأن نراهم، وأن نرسم كفاحهم بالأطياف الملونة.

دور نجلاء فى الفيلم من أفضل أدوراها هى وعايدة رياض التى تتألق فى أفلام محمد خان، قال لى المخرج محمد خان إن نجلاء فتحى فتنت بالشخصية التى لعبتها فى الفيلم لدرجة أنه عندما زارها قبل التصوير، فتحت له الباب بملابس الخادمة لكى يقتنع نهائيا بأنها الأنسب للدور، ورغم قصر دور أحمد زكى إلا أنه من أفضل أدواره، لا مثيل لقدرة هذا المشخصاتى على تجسيد النماذج الشعبية، “عيد” نصاب ولص وكل شئ سئ، ولكنه يمتلك قلبا يحب، إنسان بسيط كان يمكن أن يكون إنسانا رائعا فى ظروف أفضل، الفيلم بأكمله يملأ مشاهده بالشجن وبطاقة تفاؤل وثقة عجيبة، المدينة أيضا حاضرة بقوة، ليست الشخصيات التى نراها فى الفيلم إلا الهوامش على صفحات كتاب المدينة القاسية.

(4)
إذا كان محمد خان هو  مخرج المدينة/ القاهرة وترجمانها بامتياز، فإنه أيضا مخرج أجمل فيلم عن الريف المصرى وهو “خرج ولم يعد”، وإذا كان خان يصنف عادة على أنه مخرج واقعى، إلا أن فى أفلامه غلافا شفافا من الرومانيتيكة الآسرة التى انطلقت الى ذروتها فى “خرج ولم يعد” ثم فى “فى شقة مصر الجديدة”. “خرج ولم يعد” نص محكم يكاد يكون ضد المدينة التى ليست إلا مستودعا للضجيج، والتى تقتل الأحلام، والتى تحوّل الإنسان إلى رقم في طابور.

عاصم توفيق يدعو صراحة الى العودة الى الطبيعة والى الجذور معا، ويرسم حكايات حب عابرة لكل الجسور (سواء فى علاقة الموظف بالفلاحة التى لم تكمل تعليمها، أو فى علاقة كمال بك مع زوجته الفلاحة عايدة عبد العزيز)، وبينما يسقط منزل المدينة فيمحو حياة سكانه، يظل منزل الريف راسخا وقويا، وفى حين تبدو شخصيات المدينة منفرة وأقرب الى الأشباح، تتحول شخصيات القرية الى بورتريهات تشتعل حيوية وحبا للحياة، وفى حين تعبرأغنية “زحمة” عن المدينة المتوحشة، يصدح صوت الكروان ملهما بأحلام باتساع السماء.

صحيح أن طبقة عطية (يحى الفخرانى) وكمال بك (فريد شوقى) لا تمثل معظم سكان الريف الذين لا يتمتعون جميعا برفاهية موائد الطعام المكتظة، ولا ببهجة الإمتلاك للأرض أو المال، ولكن الفيلم يقول إنه حتى هذه النماذج الأفضل من غيرها إقتصاديا يمكن أن تتحول فى المدينة الى صفر على الشمال (عطية موظف أرشيف)، ليست المشكلة إذن فى النواحى المادية فقط، ولكنها بالأساس فى أن تجد ذاتك، فى أن تستمتع بالحياة لا أن تتفرج عليها، عطية يتجاوز حتى الفكرة الرومانسية بالعودة الى الطبيعة، ليصبح أول موظف يخلع جلده تماما، ويقرر أن يعود فلاحا، أن يولد من جديد، فى ميزان البيروقراطية التليد، يكاد يصبح هذا الإختيار ثوريا تماما، ومن قدم تنغرس فى فضلات الماشية (فى لقطة مكبرة) الى أشجار موز عملاقة تكتسح التكوين ( فى لقطة عامة وواسعة جدا)، ينتقل موقف عطية من التأفف الى الإحتفال بالحياة.

كان الراحل محمد كريم حريصا فى أفلامه على تجميل المشاهد الريفية، يقولون إنه كان يقوم بغسل الماشية بالمياه قبل تصويرها، لجأ خان الى طريقة أفضل، كل شئ كما هو ولكن تعال نصوّره من زوايا مختلفة: كادرات متسعة بحجم الشاشة تجمع بين السماء والأرض، وعلاقات مباشرة بين الشخوص والطعام والفواكه والأشجار، ومشاهد داخلية دافئة وحميمة، صعود الكاميرا الى أعلى أو تحويلها البشر الى أجزاء من الطبيعة يلغى أى حياد، الأخضر والسماوى مريح الى درجة لا تتمنى معها أبدا أن تعود الى المدينة الرمادية، طعم الأكل ومذاقه ليس إلا معادلا لمذاق الحياة المفقود.

“خرج ولم يعد” فى أحد أجمل معانيه هو دعوة لكى “نحيا” لا لكى نعيش والسلام، يحى الفخرانى يقدم أحد أفضل أدواره، فارس آخر يكتشف نفسه، ليلى علوى فى دورلا مثيل له فتح أمامها أبواب الأدوار المختلفة، فلاحة شابة تتفجر طاقة وحيوية، الفطرة الصافية والقلب الأخضر، الثنائى فريد شوقى وعايدة عبد العزيز يكتسحان الفيلم حضورا وتلقائية وبساطة، كأنهما كانا يعيشان هناك منذ سنوات، فجاءت الكاميرا وصورتهما، قوة أفلام محمد خان وسبب تأثيرها فى أنه يبدأ أولا من الشخصية، ثم تخلق الشخصية مكانها وتفاصيلها وأحلامها، وكما فى  لوحة كبيرة، يضع كل مشهد لونا أو خطا، قوة أفلامه ليست فى الحدوتة التقليدية، ولكن فى تلك الشحنة التى تنتقل إليك كاملة مع نهاية الفيلم، فى أن تصبح أنت دون أن تدرى، وبصنعة فن،  وكأنك عشت بالضبط  تجربة أبطاله.

(5)

“عودة مواطن” من أفضل وأقوى أفلام محمد خان رغم أنه فيلم مظلوم حيث يمر عليه الكثيرون مرورا عابرا، قوة هذا الفيلم فى أنه يقول ما يريد بشكل بسيط وبصوت خافت ولكن المعنى خطير، مشكلة الأخ الأكبر (يحى الفخرانى) العائد من الغربة أنه سيجد الغربة بانتظاره فى وطنه، الحل المادى الذى دفعه للسفر والتغيرات العاصفة التى شهدها المجتمع جعلته أمام أسرة أخرى لا يعرفها، أمامه شخصيات إما محبطة وتائهة وفاشلة فى التكيف مع مجتمعها تماما (أحمد عبد العزيز وشريف منير)، أو متكيفة ولكن على الطريقة الإنفتاحية (ميرفت أمين وماجدة زكى)، يبدو الأخ الأكبر شريكا فى المأساة وجزءا منها : ذهب ليحقق الحلم وعاد ليكتشف أنه فقد البشر، وفقد وطنه الذى يعرفه، وكأنه أصبح مثل أهل الكهف، لم يعد أمامه إلا أن يرجع من حيث أتى، النهاية الأفضل هى ألا تفوته الطائرة، أن يعود فيتحقق المغزى المجازى البديع والمقصود تماما: من غربة فى الوطن (وهى الأقسى والأصعب كما كان يقول أبو حيان التوحيدى) الى غربة خارج الوطن وبالعكس، أو ربما يكون من الملائم أيضا أن تكون النهاية مفتوحة تعبيرا عن حيرته وتمزقه، أما أن تذهب الطائرة بدونه فهو أمر غريب ولا يتسق مع بناء الشخصيات والأحداث، ولا يمكن أن يكون المعنى هنا محاولة إنقاذ أسرة أصبح أفرادها خارج دائرة الإنقاذ.

من فيلم “عودة مواطن”

أعتقد أن النهاية كانت فيها مشكلة رقابية لأنها كانت تؤكد بوضوح التلاعب الموجود فى العنوان بحيث يصلح أن يكون “عودة مواطن الى الوطن”، ثم “عودة مواطن من حيث أتى”، عموما، شخصية شاكر كما لعبها يحى الفخرانى كان يمكن أيضا أن تحمل اسم فارس (الاسم المفضل لأبطال خان).

الفيلم مثل كل أفلام خان شديد الثراء بصريا، وبأقل قدر من الحوار، واقعية خان ليست جارحة أو خشنة، ولكنها تعتمد الإيحاء والتفاصيل الصغيرة، منزل الأسرة وأفرادها وهم جالسون على سلم بيت من الزمن القديم، وكل واحد منفصل عن الآخر، مع التشكيلة المتنافرة من الملابس، أكثر بلاغة من مائة خطبة أو دراسة عما حدث للمجتمع من تغييرات، كأنهم يجلسون على أطلال منزل أو وطن.

فكرة الغياب والعودة الى مجتمع تغيرت ملامحه من أبرز التيمات التى استخدمها مخرجو الواقعية الجديدة فى أفلامهم، ولها تنويعات كثيرة بحيث تصلح كموضوع مستقل للدراسة (سكة سفر ودماء على الأسفلت ..الخ)، الحلم فى سينما محمد خان هو كل شئ وليس المال، البشر والمكان والمشاعر والذكريات أهم ما فى الحياة، تتراجع قيمة المال عند الأخ الأكبر فى “عودة مواطن” أمام استغناء إخوته عنه، وتتوه حقيبة النقود فى فيلم “سوبر ماركت” فلا يستفيد منها أحد، ويصبح الصراع على المال عبثيا فى “نص أرنب”، ولايبق فى نهاية أفلام محمد خان إلا فرسان مهزمون أو حالمون أو باحثون عن خيول لم تعد موجودة.

(6)

أحببت دوما أن أنظر الى فيلم “زوجة رجل مهم” باعتباره، وبالأساس، مرثية للرومانسية الضائعة قبل أن يكون إدانة للدولة البوليسية، أردت أن أرى الحكاية بأكملها من وجهة نظر بطلته منى (ميرفت أمين)، لا من وجهة نظر هشام (أحمد زكى) التى تناولتها كل المقالات المكتوبة عن الفيلم، نعم نحن أمام فيلم سياسى بامتياز يدين نموذج الدولة البوليسية ممثلة فى رجل أمن الدولة فى عز سطوة أمن الدولة، ولكن أرجو ألا تنسى أن الفيلم عنوانه “زوجة رجل مهم”، منى إذن هى مفتاح الحكاية، والضوء الأهم الذى يكشف مأساة هشام.

إنها الرومانسية القادمة من زمن الستينات، وعصر عبد الحليم، تقول “أهواك” فيرد هشام  “أمتلكك”، السبعينات المتوحشة تواجه زمن الرومانسية وتسحقه سحقا، وإذا كان هشام ينتحر فى النهاية بعد أن فقد السطوة، فإن مأساة منى أعقد وأقوى، لقد فقدت نفسها وعصرها وحلمها وجنينها، فأصبحت معلقة فى الفراغ، تقتل وقتها بالورق، ميتة على قيد الحياة، منى شخصية تراجيدية من طراز رفيع، خطأها بالزواج من هشام سببه بحثها عن فارس وحكاية حب مثل أغنيات عبد الحليم، لم تدرك أن لقاء الستينات والسبعينات مستحيل، لم تأخذ بالها أن وفاة عبد الحليم ليست نهاية شخص أو مطرب عظيم، ولكنها نهاية عصر بأكمله.

إنها حكاية حب مجهضة قتلتها القوة،حكاية غرام فاشلة لإنسانة وللوطن (الضابط يزعم أن يفعل كل شئ من أجل البلد..) ، أرجو أن تلاحظ مشهد سابق هام هو انتحار فتاة حزنا على وفاة عبد الحليم حافظ تمهيدا لنهاية مأساوية، محمد خان ليس من هواة إغلاق الأقواس أو النهايات العاصفة، ولكن مقدمات الفيلم فرضت نهايته، لأن زواج السبعينات من السيتينات كان باطلا من الأساس.

“زوجة رجل مهم” من زاوية مأساة منى هو الحزن الشفيف والرثاء الموجع لموت الرومانسية تحت سنابك القوة والسلطة، تراجع الأغنية فى مقابل المسدس، انهيار الحلم فى مقابل قسوة الواقع وخشونته، الفارس الجديد مزيف يستمد قوته من منصبه، يراقب فتاته مثلما يراقب مشبوها، كان مستحيلا أن يثمر الزواج طفلا، لأنه لقاء مستحيل بين زمنين وعصرين ووجهتى نظر فى الحياة وفى تاريخ مصر، كان أمرا ذكيا أن يترجم ذلك على الشاشة باختيار ميرفت أمين تحديدا للدور (إحدى رموز رومانسية السبعينات وإحدى البطلات اللاتى غنى لهن عبد الحليم).

واختيار أحمد زكى لدور الضابط  (وهو أحد أكثر الوجوه التى تعيدك الى الواقع بكل تفاصيله)، ينحاز الفيلم بكل وضوح الى رومانسية منى، وسيبعثها محمد خان قوية ونقية فى فيلم “فى شقة مصر الجديدة”، وينحاز الفيلم أيضا الى زمن الحلم فى الستينات (واقعيا كانت الستينات هى العصر الذهبى للرومانسية وللحلم ولكنها شهدت ايضا بداية الدولة البوليسية وهى مفارقة عجيبة ومزعجة وكأن ثنائية الفيلم قديمة جدا ولا تقتصر على السبعينات والثمانينات)، كما يدين وبقوة الدولة البوليسية (الضابط قادته من زمن عبد الناصر، وهو ارتكب جرائمه فى عصر السادات، وانتحر فى عصر مبارك)، يقول الفيلم فى مغزاه السياسى إن لعبة القوة لا تقتل الآخرين ولكنها تقتل من يلعبها أيضا، النظام نفسه يلفظ الضابط الخائب، يراه أقل كفاءة من أن يكون مفيدا له، ولا يبقى فى الذاكرة سوى صدى أغنية عذبة كان غيابها بداية المأساة : “أهواك”.

(7)

يظل فيلم “موعد على العشاء” من أفضل وأهم أفلام محمد خان، ومن النماذج المبكرة لفكرة تؤرقه هى تلك السطوة والقوة التى تقتل الرومانسية، والتى ستجد تعبيرها الأوضح قيما بعد فى فيلم “زوجة رجل مهم”، بداية من صورة بالأبيض والأسود لزوجين لا يوجد بينهما حب ولا مشاعر، ونهاية لنفس الصورة للزوجين، بعد أن قامت الزوجة نوال (سعاد حسنى) بتسميم زوجها السابق عزت أبو الروس (حسن فهمى)، أصر على أن تأكل معه، وافقت حتى تتخلص منه، حطمها بقتل زوجها الذى أحبته شكرى (أحمد زكى).

ربما فقدت أيضا القدرة على الحياة، زرع فيها عزت الخوف، وحرمها من الحب، إحدى أقوى نهايات الأفلام العربية، وهى المعكوس على طول الخط لنهايات الأفلام الرومانسية السعيدة، لماذا؟ لأن الفيلم، مثل “زوجة رجل مهم”، هو رثاء كامل للرومانسية، المادة والسطوة هى التى ستقتلها، مثلما فعل هشام مع منى فى “زوجة رجل مهم”، عزت أكثر شراسة وعدوانية، ونوال أكثر قوة بكثير من منى ، لذلك سيكون انتقامها مكتسحا، وكأنه فعل الإحتجاج الوحيد الذى تملكه  فى مواجهة عالم يتغير، ليس هناك سبب يحول دون أن تنجب نوال من عزت، ولكنها ترفض الإنجاب، الزواج بين الرومانسية والمال عقيم، مثلما انتهى الزواج بين الستينات والسبعينات الى طفل مجهض وأب قتيل فى “زوجة رجل مهم”.

سعاد حسني في “موعد على العشاء”

ومثلما كان “زوجة رجل مهم” عن ضياع منى  بالأساس وليس عن شراسة هشام، فإن “موعد على العشاء” تم إهداؤه بأكمله الى نوال، والى كل نوال دهسها قطار المادة الغاشم.ليس عزت هو مشكلة نوال الوحيدة، مشكلتها فى اغترابها عن مجتمع بلا روح، لايقل ما فعله عزت معها عن رجل انتزع منها بلامبالاة وبنقوده، صورة تذكرها بذكرى قديمة (خيرى بشارة فى دور قصير)، ولا عن انتهازية أمها (زوزو ماضى)، المجتمع نفسه أصبح لا يهتم بالمشاعر والأحاسيس، لاشئ اسمه الحب، هناك شئ اسمه الإمتلاك، تبدو نوال وكأنها فتاة رومانسية جاءت من الخمسينات الى الثمانينات فاحترقت مثل الفراشة.

اشتغل محمد خان على تعبيرات الوجوه وحركات الجسد، هناك أقل قدر من الحوار كالمعتاد، يبنى خان المشهد من أشياء صغيرة،كل تفاصيل المشهد الرومانسى استخدمت فى مشهد النهاية من الشموع الى القبلات ولكن لكى تقود الى الموت،  سر قوة أعماله فى البناء الجيد للشخصيات، اختار هنا أن يقدم رثاء الرومانسية بإسناد البطولة لاثنين من أشهر أبطال وثنائيات السينما الرومانسية المصرية، فجاءت الصدمة مضاعفة، زوزو(اسم سعاد حسنى فى خللى بالك من زوزو) تقوم بتسميم حبيبها الواد التقيل، وبيانو كمال بكير يعزف مرثية امرأة حطمها زوجها، رجل الأعمال الذى يقتنى ما يريد، الفيلم من أفضل وأصعب أدوار سعاد حسنى، حافظت معظم الوقت فى لقاءاتها مع عزت على نظرة حزينة عميقة، تصل الى القمة فى التعبير بعينيها فقط فى مشهد تناول الطعام المسموم مع عزت، تنتقل بسلاسة من القلق والخوف الى التحدى واللامبالاة.

“موعد على العشاء” فيلم هام ودال جدا على بداية زمن آخر، يقول عزت “غلبتنيى يا نوال؟” فترد :” إنت الى غلبتنى”، انتحر روميو وجولييت بسبب الحب، وفقد عزت ونوال حياتهما بسبب موت الحب، رومانتيكية معكوسة ومقلوبة فى مجتمع انقلبت أحواله، تماما مثل صورة العروسين (عزت ونوال) التى نراها مقلوبة فى الكاميرا فى أول مشاهد الفيلم .

(8)

اخترت فيلم “فى شقة مصر الجديدة” ضمن قائمة أفضل عشرة أفلام فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، اعتبرته أيضا أحد أفضل الأفلام الرومانسية فى تاريخ السينما المصرية، إن لم يكن أفضلها جميعا.

طوفان متدفق من المشاعر والأحاسيس، وحكاية رومانسية بدون كلمة “أحبك”، بل إنك تستطيع أن تقول إن الفيلم ليس عن حكاية حب نرصد مقدماتها وبداياتها، ولكنه عن الحب نفسه: وجوده وسحره وقدرته على أن يفرض نفسه، نص مدهش الإحكام من وسام سليمان عموده الفقرى الرسم البارع لشخصية بطلتنا نجوى.

من فيلم “في شقة مصر الجديدة”

كل أفلام محمد خان محورها الشخصية لا المكان كما قد يظن البعض،  نجوى بأداء غادة عادل من أنضج الشخصيات النسائية بلمساتها الواقعية والرومانتيكية معا، ليست شخصية خيالية قادمة من روايات عبير، ولكنها نموذج من لحم ودم يمكن أن تراه فى أى مكان، لايمكن مقارنتها فى الحقيقة إلا ببطلة فيلم “زوجة رجل مهم”.

منى التى لعبتها ميرفت أمين قادمة أيضا من المنيا مثل نجوى، منى عاشت رومانسيتها على أغنيات عبد الحليم، بينما اكتشفت نجوى الحب مع ليلى مراد، ولكن نجوى أكثر قوة وإيمانا بالحب من منى، كما أنها أكثر نجاحا فى بحثها عن قلب، تورطت منى مع ضابط أمن دولة لا يعرف الفارق بين الحب والإمتلاك.

 لا يوجد سحر فى شقة مصر الجديدة التى يسكنها رجل البورصة، يوجد سحر فى الفيلم كله هو سحر الحب، المدرّسة التى تبحث عنها نجوى ليست سوى المعادل الذكى لكيوبيد عصرى يستدرج نجوى الى ما يؤكد إيمانها بوجود الحب، تأخذ التيمة تنويعاتها المعاكسة أوالمتناغمة، سواء فى الحب الصامت بين سائق التاكسى (احمد راتب) وسيدة شقة الطالبات (عايدة رياض)، أو فى محاولة فتاة شقة الطالبات الإنتحار بسبب قصة حب، أو فى علاقة جسدية  ألية بين رجل البورصة وفتاته، أو فى إعجاب يوسف داوود بالمدرّسة وهتافه باكتشاف وجود الحب.

الفيلم الذى يبدأ بأغنية “أنا قلبى دليلى قاللى ح تحبى” ينتهى ببذرة التحقق عندما تردد نجوى فى القطار نمرة خالد أبو النجا لتحفظها، ليس فى ذاكرتها، ولكن فى قلبها، ليلى مراد ومدرسة الموسيقى تنتصران مع أنهما غير موجودتان أصلا، هذا هو السحر نفسه: أن تصنع أغنية فيلما، وأن تقول دون أن تقول، وأن تلمس دون أن تصرّح، وأن يظهر عريس وعروسه على رصيف المحطة أثناء وداع رجل البورصة لبطلتنا الرائعة.

روعة ” فى شقة مصر الجديدة” فى أنه انتزع رومانسيته من قلب الواقع، وليس ابتعادا عنه، قال لنا عبر التفاصيل الصغيرة إن الحب عند أطراف أصابعك أنت، فى الشقة المجاورة أو فى خطاب مهمل أو فى ذكرى منسية، وإنه قادر على تغيير حياتك الى الأبد، لم يغلق الفيلم أى قوس فى أى اتجاه، ترك أبواب المشاعر مفتوحة، اعتمد فقط على تلك اللمسات الفاتنة، تشعر دوما أن هناك يدا خفية تقودك الى حيث مولد حب، ننتشى من مجرد هذا الميلاد، فما بالنا بالحب نفسه؟ مشاهد كثيرة تستحق التحليل التفصيلى:

لقاء المصعد المعطل بين نجوى وخالد أبو النجا، رقصة عايدة رياض احتفالا بجسدها وبذكرى حب مستحيل، نجوى وقد أشرق وجهها وهى تتأمل طفلا وليدا، نظرات سائق التاكسى الى بلكونة حبه القديم، ارتباك نجوى وهى فى المطعم، تلك الأغصان الخضراء التى تظلل الكادر أمام عمارة مصر الجديدة، الموبايل المكسور الذى يتحول فيما بعد الى أداة وصل، أغنية “أمانة عليك ياليل طول” يغنيها عامل بسيط ويفرغ فيها شجنا لا حدود له (هذا صوت عاشق ربما)، مائدة الطعام وقد التفّت حولها فتيات بسيطات تحلمن بالحب والأمان.

محمد خان هو أكثر مخرجى الواقعية الجديدة رومانتيكية، حبه لشخصياته وتعاطفه معهم بلا حدود، أهدى ثلاثة من أفلامه لأكبر مطربى ومطربات الرومانسية ( إهداء فارس المدينة لصوت أم كلثوم، وإهداء زوجة رجل مهم لصوت وزمن عبد الحليم والفيلم بأكمله فى إحدى قراءاته ليس إلا حكاية رومانسية مجهضة، وإهداء فى شقة مصر الجديدة الى صوت ليلى مراد)

 فكرة البحث عن فارس تتردد كثيرا فى أعماله، نجوى فى الحقيقة تبحث عن فارس، ملصق الفيلم من أجمل ملصقات الأفلام المصرية، ومستلهم مباشرة من لوحة سلفادور دالى الشهيرة عن تلك الفتاة التى تنتظر شخصا أو شيئا أمام نافذة مفتوحة على بحر، نجوى تفتح نفس الشباك لينعكس نور الشباك المفتوح/ نور الحب على وجهها، أضفت غادة عادل كثيرا من الحيوية على الشخصية، بساطتها وتلقائيتها وانطلاقها مثل طفلة كبيرة، كانت اختيارا رائعا، لو فشل الإختيار لانهار الفيلم كله، مازلت أرى أن الشخصية كانت تستحق أن يحمل الفيلم اسمها .. هذا فيلم “نجوى” ، نقطة ومن أول السطر، مع كل الإحترام للشقق، ولمصر الجديدة أيضا.

Visited 87 times, 1 visit(s) today