تكهنات قبل إعلان النتائج: من الذي يستحق “السعفة الذهبية”؟

Print Friendly, PDF & Email

تعلن مساء الأحد، نتائج الدورة الـ 68 من مهرجان كان السينمائي، أكبر مهرجانات السينما في العالم، والذي تنافس على جائزته المرموقة “السعفة الذهبية” 19 فيلما عرضت في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة.

عادة تخصص مجلات السنيما التي تصدر أثناء المهرجان مثل “سكرين انترناشيونال” و”الفيلم الفرنسي”، استطلاعات رأي يومية يشارك فيها عدد من نقاد السينما. والملاحظ أن هناك اختلافات كبيرة بين آراء النقاد فيما يتعلق بعدد من الأفلام التي أثارت الكثير من الجدل من حولها مثل الفيلم الأمريكي “سيكاريو” مثلا الذي رأى ناقد مجلة “تيليراما” في استطلاع “الفيلم الفرنسي” أنه يستحق “السعفة الذهبية”، في حين منحه ناقد مجلة “لي كاييه دي سينما” (كراسات السينما) وهي أهم وأشهر مجلات السينما المتخصصة في فرنسا والعالم، علامة تشير إلى أنه فيلم ضعيف، دون المستوى.

أما في استطلاع مجلة “سكرين” فقد اعتبره ناقد جريدة “ليبراسيون” الفرنسية علامة فيلما رديئا، في حين منحه ناقد “سيدني مورننج هيرالد” أربعة نجوم.

هذه الاختلافات الواسعة مألوفة وتدور حول الكثير من الأفلام منها أيضا فيلم “أختنا الصغيرة” الياباني بين من اعتبره فيلما يستحق السعفة الذهبية ، ومن اعتبره عملا ضعيفا وهو كذلك بالفعل. لكن هناك شبه إجماع بين نقاد مجلة “سكرين” على اعتبار فيلم “كارول” الأمريكي عملا كبيرا في مستواه الفني فقد حصل على أربعة نجوم من خمسة نقاد، و3 نجوم من خمسة آخرين. وفي استطلاع “الفيلم الفرنسي” اعتبره أحد النقاد فيلما ضعيفا (ناقد مجلة بوزيتيف” السينمائية)، في حين منحه ثلاثة نقاد السعفة الذهبية!

ويظل “كارول” متربعا على قمة ترشيحات المجلة الأولى البريطانية، ويأتي  في المرتبة التالية مباشرة الفيلم المجري “إبن شاؤول”، ثم الفيلم الايطالي “أمي” في المرتبة الثالثة.

أما الترشيحات الثلاثة الأولى في مجلة الفيلم الفرنسي فهي في المرتبة الأولى فيلم “أمي” الذي حصل على 7 سعفات ذهبية من سبعة نقاد، يليه الفيلم الفرنسي “قانون السوق” (5 سعفات) ثم الفيلم المجري “إبن شاؤول” (3 سعفات).

من الفيلم الفرنسي “قانون السوق”

ثلاث تحف

وقد اختفت المجلات اليومية بعد اليوم الثامن في مهرجان كان، بسبب نفاذ الاعلانات واقتراب نهاية السوق الدولية للأفلام. ولكن المدهش في دورة هذا العام ظهور ثلاثة أفلام أعتبرها من التحف السينمائية البديعة في الأيام الثلاثة الأخيرة من المهرجان وقد تقلب التوقعات رأسا على عقب ويمكن جدا أن يفوز أحدها بالسعفة الذهبية (لم نشاهد بعد “ماكبث” و”مزمن”).. هذه الأفلام هي  أولا الفيلم الفرنسي “ديبان” للمخرج جاك أوديار (صاحب فيلم “نبي”)، والفيلم الإيطالي البديع “شباب” لباولو سورينتينو، والثالث هو الفيلم الفرنسي “قانون السوق” لستيفان بريز الذي تألق فيه الممثل فنسنت ليندون وقد يحصل على جائزة أفضل ممثل عنه التي يستحقها ولكنه يلقى منافسة شرسة أولا مع مايكل كين بطل فيلم “شباب”، وثانيا من جانب بطل فيلم “ديبان” الممثل السريلانكي أنطونيثان جيزوثان، كما تنافس بطلته السيريلانكية كايليثاوري سرينفياثان، التي تقف أمام الكاميرا للمرة الأولى على جائزة أحسن ممثلة مع كل من كيت بلانشيت (عن كارول) وايمانويل بيركو عن فيلم “ملكي” وإن كان من الممكن أن تذهب الجائزة في نهاية الأمر إلى الإيطالية مرجريتا باي بطلة فيلم “امي” لناني موريتي الذي يرشحه البعض هنا أيضا للسعفة الذهبية التي لا يستحقها بكل تأكيد.

في حالة حصول الفيلم المجري “إبن شاؤول” على السعفة الذهبية (وهو ما نميل إلى احتمال أن يفضله تحديدا رئيسا لجنة التحكيم الاخوان كوين)، ستكون تلك من المرات النادرة االتي يحصل عليها الفيلم الأول (الوحيد) لمخرجه الذي يشارك في المسابقة. أما من زوجهة نظر كاتب هذه السطور فالفيلم- التحفة الذي يستحق السعفة هو “شباب” لسورينتينو، ولكنه ليس من الأفلام التي يمكن أن تنال الاجماع بل وحتى بعد عرضه للصحفيين، كان هناك من أطلق صيحات الاستهجان التي احتلطت بالكثير من صيحات الاستحسان، وهي طريقة لا يفهمها العرب في التعبير عن الرأي في المهرجانات السينمائية الأوروبية، تماما مثلما لا يستوعبون فكرة القاء البيض والطماطم على إحدى الشخصيات السياسية للاحتجاج على سياسات بعينها تمارسها تلك الشخصية، فالثقافة العربية تميل الى المهادنة وعدم التعبير علانية عن الرأي أمام الآخرين بفعل مناخ القهر السائد في العالم العربي!

تتعين الاشارة هنا إلا ما تركه الفيلم التايواني من انطباعات ايجابية لدى عشاق هذا النوع من الأفلام الصينية التي تمزج بين البطولة والتاريخ وتقاليد ما يعرف بأفلام martial aart التي تكثر فيها الاشتباكات والمبارزات الخارقة، وليس بالضرورة من خلال الأشخاص الذين يطيرون في الهواء. المخرج التايواني الكبير هو هتساو هتسين، يروي هنا قصة عن المكائد والمؤامرات التي كانت تدور في الصين الاقطاعية في القرون الغابرة، ويحول لقطات فيلمه الى لوحات تشكيلية رائعة، لكن الانطباع العام أنه رغم جمال الفيلم فإنه لا يقدم جديدا فقد سبق أن رأينا مثيلا لهذه المشاهد المبهرة في فيلم “بطل” و”منزل الخناجر الطائرة” لجانج ييمو، أو “نمر زاحف وتنين حفي” لأنج لي، ولكن ليس مستبعدا أن يحصل الفيلم على جائزة التصوير أو ربما الاخراج.

اعتدنا منذ سنوات على المفاجآت عند اعلان نتائج مسابقات مهرجان كان، التي تأتي عادة كمحصلة مناقشات وأذواق عدد محدد من السينمائيين هم أعضاء لجنة التحكيم الدولية، وبالتالي من الممكن أن تذهب الجائزة إلى أي فيلم مهما اعتبره النقاد عملا دون المستوى ومهما كان مستيعدا من البداية من دائرة الترشيحات. لننتظر ونرى!   

Visited 42 times, 1 visit(s) today